خطأ قول من قال: لا إنكار في المسائل الخلافية! و بيان الفرق بين مسائل الخلاف و مسائل الاجتهاد

قال ابن القيم رحمه الله تعالى، في أعلام الموقعين ، ص ٧٠٦ ، نشرة دار طيبة.:

” وقولهم: “إن مسائل الخلاف لا إنكار فيها” ليس بصحيح؛ فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول والفتوى أو العمل.

أما الأول: فإذا كان القولُ يخالف سنةً أو إجماعًا شائعًا وجب إنكاره اتفاقًا، وإن لم يكن كذلك فإنَّ بيان ضعفه ومخالفته للدليل إنكار مثله.

وأما العمل: فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره بحسب درجات الإنكار.

وكيف يقولُ فقيهٌ: لا إنكار في المسائل المختلف فيها! والفقهاءُ من سائر الطوائف قد صرَّحوا بنقضِ حكم الحاكم إذا خالف كتابًا أو سنةً وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء؟ وأما إذا لم يكن في المسألة سنةٌ ولا إجماعٌ وللاجتهاد فيها مَسَاغٌ لم يُنكر على مَنْ عمل بها مجتهدًا أو مقلدًا.

وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ممن ليس لهم تحقيق في العلم.

والصواب ما عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبًا ظاهرًا : مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ فيها -إذا عدم فيها الدليل الظاهر الذي يجب العمل به- الاجتهاد لتعارض الأدلة أو لخفاء الأدلة فيها…

وعلى كل حال فلا عذر عند اللَّه يوم القيامة لمن بلغه ما في المسألة من هذا الباب وغيره من الأحاديث والآثار التي لا معارض لها إذا نَبَذَها وراء ظهره، وقلَّد مَنْ نهاه عن تقليده، وقال له: لا يحلُّ لك أن تقول بقولي إذا خالف السنة، وإذا صح الحديث فلا تعبأ بقولي، وحتى لو لم يقل له ذلك لكان هذا هو الواجب عليه وجوبًا لافسحة له فيه، وحتى لو قال له خلاف ذلك لم يَسَعْه إلا اتباع الحجة…”

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s