سؤال عن قروض المشاريع الصغيره في مصر

السؤال:

أحسن الله لك، عندنا في مصر تقوم الدوله بإعطاء قروض للمشاريع الصغيره التي تبدأ من مائة ألف إلى عشرين مليون، شرط وجود المشروع وسجل تجاري وذلك من أجل النهوض الاقتصادي وغير ذلك ، على أن يسدد المبلغ على ثلاث سنوات بفائده خمسه في %.

فأنا أعلم أن كل قرض جر نفع فهو ربا ولكن هل يوجد عفو من أجل ترتب بعض المصالح العائدة على الدوله وعلى الأفراد العاملين في هذه المشاريع،وللعلم أنا اسئل لشخص آخر وليس لي لأنني وعدته أن اسئل مختص، افدنا بارك الله فيك.

الجواب:

و أحسن الله إليك أخي المحترم ، فإن الدال على الخير كفاعله، و يسر الله أمرك و أمر من تنوب عنه في السؤال.

أكل الربا ، أخذاً و عطاءً، من كبائر الذنوب، و الأدلة على ذلك لا تخفى على مسلم.

و الفوائد البنكية على القروض هي من ربا النسيئة الذي أجمع المسلمون على تحريمه، و القول بحل فؤائد البنوك قولٌ باطلٌ مخالفٌ للنص و الإجماع ، و حجج القائلين بذلك ضعيفة جداً، كلها خلط و خبط ، و قد حكى مجمع الفقه الإسلامي إجماع العلماء المعاصرين المعتد بقولهم من جميع أقطار العالم الإسلامي بتحريم الفوائد البنكية، و أنها ربا محرم.

و لا فرق في تحريم الربا إن كان بين الحكومة و الناس ، أو لغرض التجارة ، أو التنمية و خلافة ، بل الربا سببٌ لمحق التنمية و هلاك الشعوب بالفتن و المحن، و ليس في الربا أي مصلحة معتبرة.

أما الحاجة التي تُبيح الاقتراض بالربا، فهي الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، و هي التي إن لم يرتكبها الإنسان وقع عليه ضرر محقق في دينه أو نفسه أو ماله أو عرضه ، فيجوز له الإقتراض بالربا لشراء طعاماً إن لم يأكله مات هو أو أهله ، فيرتكب مفسدة أكل الربا لحفظ النفس، و قس على ذلك سائر الضرورات الخمس.

أما الاقتراض للتجارة و العمل ، فهو من الحاجات التحسينية، التي لا يهلك الإنسان أو يقع عليه ضرر محقق أن لم يفعلها، فلا يحل له أكل الربا بحال ، قال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ).

و الواجب على الشباب أن لا يتسرعوا في الإقبال على هذه القروض، وكأنها لم تكن، و يجب أن يكلموا المسئولين في الدولة أن يغيروا هذه القروض الربوية إلي معاملات شرعية يباركها الله عز و جل، و الحمد لله في الشريعة بدائل كثيره، و منها:

– أن تبيعه الدولة أدوات الإنتاج (من ماكينات و خلافة) بالتقسيط ، و تزيد الحكومة في السعر مقابل الأجل، و هذا بيع حلال.
– أن تشارك الدولة مع صاحب المشروع مشاركة متناقصة، فتكون شريكاً بحصة تتناقص مع الوقت حتي يملك صاحب المشروع مشروعه بالكامل.
– إن كانت الدولة ترى أن هذه المشروعات مجديه، يمكنها أن تعطي المال لصاحب المشروع يعمل فيه مضاربة بنسبة معلومة بينه و بين الدولة.
– يمكن للدولة استخدام (السلم) و هو بيع جائز ، فتشتري من صاحب المشروع منتجاته قبل أن يصنعها، و تدفع له نقداً و تحدد صفة المنتج و أجل التسليم… و هذا من أفضل صيغ التمويل في دفع الإنتاج و التنمية.

و هذه الصيغ الشرعية فيها تجارة و شراكة إنتاجية حقيقية ، و تحمل للمخاطر من الطرفين، لذلك تستحق الدولة الربح و يستحق صاحب المشروع الربح أو الأجر.

أما الربا فهو عقد ظالمٌ جشع، و أكل للمال بين الناس بالباطل، وبيع للمال بالمال ، و لا يراعى فيه الإنتاج و لا الشراكة ، و يقطع التوكل على الله في حصول الربح و المكسب، و غيرها من المفاسد العظيمة التى لا يسع المقام ذكرها.

و الله أعلم،

هاني حلمي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s