روى أحمد في مسنده و الترمذي في جامعه: سمع أبو أمامة رضي الله عنه، قول رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الخوارج “خير قتلى من قتلوه” ، و الواقع يشهد أن من بين من تقتلهم الخوارج من يظهر لنا من حالهم أنهم ليسوا بذاك… فهم قد يقتلون الفسقة و السكاري من المسلمين.
فكيف نجمع بين الحديث و المشاهدة!
و الذي ظهر لي أن الحديث خرج مخرج العموم، و هو مخصوص بأهل الاستقامة من المسلمين، و أن تلك المسألة تدخل في مسألة انفاذ الوعد و تخلف الوعيد بوجود المقتضى و انتفاء المانع… و هي مسألة فارقة في عقيدة أهل السنة و الجماعة.
و هذا الوعد بالخيريه عام، لا يُشهد به على معين.
و يجوز -و الله أعلم- أن قول رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج مخرج الحُكم، أي من قتلته الخوارج فحكمه أن يكون من خير القتلى، و قد يتخلف هذا الحُكم لموانع في هذا المقتول بعينه، و الله يفعل ما يشاء.
و يجوز أن الحكم بالخيرية خرج مخرج الترغيب في قتال الخوارج، فكأنه قال: قاتلوهم فإن قُتلتم فأنتم من خير القتلى.
كذلك فإن من قتلته الخوارج غدراً من أهل الإسلام ، و إن كان فاسقاً أو مقيماً على كبيرة لم يتب منها وقت قتله، لعل ذلك يكفر له من ذنوبه أو يرفع درجته، فيكون قتل الخوارج له فيه من تكفير ذنوبه و رفع درجته ما يثبت له الخيرية في المآل.
و كذلك قد يقال أن الخبر خرج مخرج الغالب، لأن غالب من تقتلهم الخوارج من المجاهدين من أهل العدل ، أو من المسلمين المظلومين الذين صدعوا بالحق في وجه الخوارج، كالصحابي الذي قتلوه و بقروا بطن امرأته.
و الذي أثار هذه المسألة عندي هو بعض المقاطع التي نُشرت لقتلى حادث استانبول في ليلة رأس سنة 2017، و التي نشروها على مواقع التواصل قبل مقتلهم، و بعضها يظهر فيه إعلانهم بالفسق، مع غلو الناس فيهم بقولهم شهداء.
و الله أعلم.
هاني حلمي