أراد أحدُ الأصحاب أن يأخذ قرضاً من أحد البنوك الإسلامية، و طلب مني أن أتحدث مع مسئول البنك حتى نتأكد من سلامة المعاملة شرعياً، جزاه الله خيراً عن حرصه على دينه.
قال المسئول: سوف نعطيه المبلغ الذي يريدة، و سنأخذ ربح تورق 3.25% شهرياً.
و صورة التورق المصرفي المنظم:
أن يشتري (طالب المال) من البنك سلعة ما – من غير الذهب أو الفضة – بالأجل – فيصير مديناً بثمنها للبنك – ثم يبيعها (طالب المال) لطرف ثالث غير البنك بسعر حال نقدي – أقل مما اشتراها به- فيحصل على المال (الورق)، و يستوفي البنك من (طالب المال) ثمن السلعة على أقساط ، و (طالب المال) في الحقيقة لا يرى السلعة و لا يقبضها و لا تدخل في ضمانه ، لأن (طالب المال) يوكل (البنك) بالبيع و الشراء، وطالب المال في الحقيقة لم يُرد السلعة إنما أراد الورق (المال) ، فهو قرض ربوي بفائدة و بينهما سلعة، و الفرق بين هذه الصورة و بيع العينة، أن بييع العينة بين طرفين، و التورق بين ثلاثة أطراف.
قلتُ لصاحبي هذا من الربا المحرم، و إن قال البنك أنه إسلامي، فإن العبرة بصحة المعاملة لا بما يزعمه البنك.
و هذه المعاملة هي حيلة للتوصل للربا ، قد أبطلها و قال بحرمتها من السلف: سعيد بن المسيب، و الحسن البصري، و مالك بن أنس، و غيرهم.
و الذين أجازوا التورق، إنما أجازوه للحاجة التى تنزل منزلة الضرورة، مع مراعاة شروطاً، منها: القبض الحقيقي، و فصل ضمان البنك و ضمان طالب المال.
و إنني مع نصرتي لنموذج عمل المصارف الإسلامية، لا أغض الطرف عن مخالفات التطبيق، فإنها من جشع النفوس و توسيد الأمر لغير أهله، و الحق أحق أن يتبع، و لا كرامة للمخالف خاصة إن كان محتالاً!
و لقد تعلمت أن أهل السنة يقولون ما لهم و ما عليهم، و أحبُ أن أكون منهم، أو أن أتشبه بهم، فإن التشبه بالرجال فلاح.
و أرجوا أن لا يوضع كلامي على غير موضعه ، و يمشي أحدكم في الناس يقول: لا فرق بين النموذج الإسلامي و النموذج التقليدي ، كلاهما يقع في الحرام! و الحق أن شتان بين خير هذا و شر ذاك، و إن كان الخير فيه دخن!
و لتمام الفائدة، هذا قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة بخصوص التورق المصرفي:
و الحمد لله من قبل و من بعد،
هاني حلمي