الفطامُ عن المألوف شديد…!

منذ أيامٍ و زوجتي تفطمُ ابنتنا ليلي عن (اللهّاية)، و أنا أتابع بألم ما تعانيه الصغيرة من ألم الفراق، فقد كانت من قبل تستنيم إليها و تنام و هي بين فكيها، و أما و قد فقدتها فصارت تبكي من فرط لوعتها، و تبدل لونها و أضطرب نومها، و أراها تنظر لأمها و لو تكلمت بُنيتي لقالت لها:

وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ      وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ

و لو تعلم بُنيتي المسكينة أنما لوعتها لفقد باطل و خدعة، لا تسمن من جوع، و لا تروي من ظمأ، إنما هو سراب الطعام و الشراب، و طحن الفكين للهواء!

و ما هي إلا أيام قليلة حتى اعتادت الحياة بدونها و لم تعد نفسها تنزع إليها، و ذهبت اللهّاية إلى حيث ألقت رحلها كلُ ذكرى.

و هكذا نحنُ الكبار، نتعلق بأوهام و أباطيل، لو فطمنا نفوسنا عنها سنشعر بالألم، و لكنه ألم محتمل إلى زوال.

والنفس كالطفل إن تهمله شب      على حب الرضاع وان تفطمه ينفطم

و إن كان الفطامُ عن معصية الله، فإنه يعقبه لذة الطاعة و قهر الهوى و النفس و الشيطان.

كم منّا لم يُفطم عن أكل الربا (فوائد البنوك)، أو ترك صلاة الفجر، أو التدخين و الخمر، أو النظر لعورات النساء، أو الغناء و المعازف، أو الجهل و التعالم،…

و من هذا الوجه، كان أهل العلم الربانيين الذين ينهون الناس عن المنكر، و يسعون في فطامهم عن ما يضر دنياهم و أُخراهم، هم أنفع للناس من أبائهم و أمهاتم، لو كانوا يعلمون!

لقد فُطمت بُنيتي الصغيرة عن اللهّاية، و بعضُا من الكبار قد صرعته الدنيا اللهّاية!

هاني حلمي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s