إن من أعظم الفقه في دين الله ، فقه معاني الأذكار الواردة في الكتاب و السنة ، فإن فهم معاني ما فيها من توحيد لله بما في ذلك من التوكل عليه و الاستعانة به وحده و الإنابة إليه و الإخبات له و الحب و التعظيم والخضوع لمشيئته و التسليم لقضائه ، و ما في ذلك من رغبة في ما عند الله و رهبة منه…
و كذلك التفكر في معاني أسماء الله و صفاته الواردة في تلك الأذكار ، و ما تحويه من معاني الكمال لله تعالى ، و ما تقتضيه تلك الأسماء و الصفات من معرفة الله و آياته و حكمته من الخلق و الأمر…
كل ذلك إن أخذ به المرء نفسه مخلصاً لله ، ناظراً فيه على طريقة أهل الأثر أهل السنة و الجماعة ، فإنه سوف يجد ماء الحياة يسرى إلى قلبه و ستخضع جوارحه لطاعة الله تعالى و ستسكن أمواج نفسه المتلاطمه و سيجد برد الإيمان و حلاوة اليقين في قلبه.
و هي لذة لا يعدلها لذة في الوجود، و هي التلذذ بذكر الله عز و جل، ذكر الواعي لمعاني ما يقول ، الحاضر الذهن لما يحرك به لسانه ، فتتحدر الألفاظ من لسانه لتقع على معانيها في قلبه فتنتج له الخير كله…
و هذه الجنة المُعجلة يحول دونها أمور:
أولاً : الذنوب و الأصرار عليها ، فإنها تُذهب حلاوة الذكر من القلب، و هذا أمرٌ مُجرب.
ثانياً: الجهل بنوعيه ، البسيط و المركب ، و من الجهل البسيط جهل معاني الألفاظ في لغة العرب و الجهل بعقيدة أهل السنة و الجماعة.
و من الجهل المركب، إدراك المعاني على معنى مخالف لمدلولات الألفاظ في الشرع و اللغة ، و كذلك التمذهب بالأشعرية أو الماتريدية أو الذكر على طرق الصوفية ظناً منه أنه على عقيدة أهل السنة و الجماعة.
ثالثاً: الانشغال بالحوادث و أخبار الناس و دقائق أحوالهم ، على وجه الشغف و الإدمان و التتبع المفرط، و لا يُفهم من كلامي الدعوة الي الغفلة و العزلة كما يريد أن يتوهمه بعض الناس.
فإن هؤلاء محجبون عن تلك اللذة و ذلك النعيم.
و الله الموفق،،،
هاني حلمي