قيل و قال…!

روى البخاري رحمه الله في صحيحه، عن معاوية بن أبي سفيان، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، و كثرة السؤال، وإضاعة المال)

قال الخطّابي رحمه الله، ت 388 هجرياً، في كتابه المسمى أعلام السنن:

“قوله: (كره قيل وقال) يتأول على وجهين:

أحدهما: أن يراد به حكاية أقاويل الناس، وأحاديثهم، والبحث عنها، والتتبع لها، فتنمي عليهم، فيقال: قال فلان كذا، وقيل لفلان كذا، مما لا يغني ولا يجدي خيرا، إنما هو الولوع بها، والشغف بذكرها، وهو من باب التجسس المنهي عنه.

وقد يتأول أيضا على ما كان منه في أمر الدين، فيقول: قيل فيه كذا، وقال فلان كذا، لا يرجع فيه إلى ثبت يقين، لكن يقلد ما يسمعه، ولا يحتاط لموضع اختياره من تلك الأقاويل والمذاهب، فلا يعتقد صحتها بحجة وبيان.”

قلتُ:

و التأويل الثاني هي طريقة بعض من ينتسب للفقه من أحلاس الفضائيات، الذين يقذفون في وجوه الناس كل قول شاذ دون بيان شذوذه، و دون بيان القول الراجح بالدليل أو على الأقل بيان ما عليه الجمهور.

و هؤلاء يفسدون الدين و يخرجون الناس من عبادة الله إلى عبادة أهوائهم، فإن العامي الذي يتابع الفضائيات يظن أن دلالة الخلاف و تعدد الأقوال هي التخيير بين تلك الأقوال!

فيختار كل مشاهد ما يناسب هواه.

و الحق أن ليس كل قول يعدُ قولاً ، و لا كل خلافٍ يعدُ خلافاً، إنما الحق واحد، و يجب على المتصدي للكلام في دين الله أن يبين لمستمعه الحق الراجح بدليله، و لا يتركه لهواه ليختار بين أقول بعضها شاذ لا يعدُ قولاُ و إن قيل!

فما ذلك ببيان لحكم الله، إنما هو تضليل و تمويه و غش للمسلمين.

هاني حلمي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s