الرُّوعُ بالضم: القلبُ والعقلُ، يقال وقع ذلك في رُوعي، أي في خلدي وبالي ، كما قال الجوهري رحمه الله في الصحاح.
و الإنسان دائم الهم و الفكر لا تهدأ نفسه، و لا يزال يُلقى في رُوعه ما يُلقى، و المُوفق من أُلهم الحكمة في وقتها و وقع في نفسه الكلمة الحكيمة السديدة.
و كل إناء ينضحُ بما فيه، فمن كان مدمناً على النظر في كتاب الله عز وجل و تفسير معانيه و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و تفسير معانيها، فإن الغالب أن يقع في روُعه منهما عندما تهزه الخطوب و تعرض له الأمور.
فإذا أصابته مصيبة يقع في قلبه آيات الصبر و الاحتساب و ذكر الله، و إذا أصيب بنعمة وقع له شكر المُنعم،…، و كلما همّ بشيء كان حديثُ نفسه من نوع ما يملأ روحه، إلا أن يوسوس له الشيطان أمراً، و سرعان ما يستعيذ بالله و يستغفر.
و سيكون حديث سره في نفسه حديثاً راقياً، فإن الفكر يستمد ألفاظه مما يدمن الإنسان النظر فيه، و من جرب عرف.
أما من امتلئت روحه أفلاماً و روايات و أغانٍ و صوراً فاحشة و كلاماً باطلاً، فإن ما سيُلقى في رُوعه سيكون من هذا النوع، و كفى بذلك غفلةً عن الله، و غالب الظن أنه لا يُوفق للخير و الحكمة، إلا أن يشاء الله أمراً.
و بعض الناس يظن أن الغفلة عن الله هو مجرد ترك ذكره عز وجل باللسان، و الحق أن الغفلة عن الله أعم من ذلك، فهي ترك الفكر في إصلاح النفس و تزكيتها و التزود لليوم الأخر و إن حرك لسانه بذكر الله.
لذلك فإن مراقبة ما يُلقى في الرُوع و محاسبة النفس عليه هو معيارٌ صادقٌ لإصلاح النفس و تثقيفها، و هذا لا يطّلع عليه إلا الله، و العاقل خصيمُ نفسه.
هاني حلمي