القراءة بالألحان بدعةٌ منكرةٌ قد أنكرها السلف الصالح و من تبع هداهم من العلماء المحققين.
قال الطرطوشي رحمه الله في كتاب “الحوادث و البدع” ، في الباب الرابع :في نقل غرائب البدع وإنكار العلماء لها:
[فصل: القراءة بالألحان]:
“… فالتالي منهم والسامع لا يقصدون فهم معانيه؛ من أمر، أو نهي، أو وعد، أو وعيد، أو وعظ، أو تخويف، أو ضرب مثل، أو اقتضاء حكم، أو غير ذلك مما أنزل به القرآن، وإنما للذة، والطرب، والنغمات، والألحان؛ كنقر الأوتار، وأصوات المزامير؛ كما قال الله عز وجل يذم قريشا: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} .
وإنما أنزل القرآن لتتدبر آياته وتفهم معانيه:
قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} .
وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} .
وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} .وهذا يمنع أن يقرأ بالألحان المطربة والمشبهة للأغاني؛ لأن ذلك يثمر ضد الخشوع، ونقيض الخوف والوجل.
وقوله تعالى فيهم: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} .
وهذا يفيد الأمر بتلاوته على هذا الوجه، وأن بكاءهم إنما كان مما فهموا من معانيه، لا من نغمات القارئ.”
قلتُ: و هذا الباب من الكتاب نفيس جداً فيه تحقيق للمسألة ، فليراجعه من أراد المزيد.
و وجدتُ هذه الفائدة في التغني بالقرأن على طرة مخطوط…
” و أما قوله عليه السلام “ليس منا من لم يتغن بالقرأن” محمولٌ على معنى حسن الصوت مع مراعاة قواعد التجويد في الألفاظ.
و قال العلماء: المراد به الجهرُ و الإفصاح فيما يحتاج إليه، و يؤيده وقوع الجهر موقع التفسير للتغني في قوله عليه السلام ” ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرأن يجهر به”.
و قال بعضهم المراد به الإستغناء بالقرأن عن الأشعار و أحاديث الناس ، فقد ورد التغني بهذا المعنى.
و قال بعضهم المراد به المراد به التجويد و الترتيل فإنه زين للقرأن لاسيما مع حسن الصوت.
و قالوا ليس المراد بالتغني في الحديث ما هو المشهور منه قطعاً لوجوه:
الأول: أن قوله ليس منا من قبيل الوعيد، و لا خلاف بين الأمة أن قارئ القرأن من غير تغن مثاب، فكيف يستخق الوعيد!
الثاني: أنه يعارض حينئذ ما ما خرجه الترمذي و أبو داوود و ابن ماجة عن حذيفة مرفوعاً: اقرأوا القرأن بلحون العرب.”
هاني حلمي