كتبتُ هذه الكلمة من فيّ الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله في درس كتاب البيوع من بلوغ المرام، مسجد صالح الكندري، الكويت، ١٤٣٥ ه.:
” الذي يأخذ بالدليل لا يكون أحدٌ عنده من أهل العلم مهجوراً، فتارة يأخذ بقول فلان و تارة يأخذ بقول فلان، بخلاف المتعصب، و في هذا الثبات على الحق و هو الأخذ بالدليل، و من ترك السُنة أكثر التنقل، و لا إشكال في الإختلاف في الأحكام الفقهية، فقد اختلف اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في حياته، و لكن الواجب عند الخلاف: أن الخلاف لا يُحتج به و لكن يُحتج له، و لا يُستهان بالأدلة من أجل الخلاف، بل يُرد الخلاف إلى الأدلة، و أن لا يترتب على الخلاف الفقهي تنافر في القلوب، و لا تنازع و لا تباغض في المسائل الفقهية، بل نأخذ بما دل عليه الدليل و يُحب بعضنا بعضاً.
قال الشافعي ليونس: ألا يستقيم أن نكون أخوة و لو أختلفنا في مسألة! “
قلتُ (هاني):
و على المُتعلم أن لا يُكثر من شيخ واحد – حي- جداً ، مخافة أن لا يستطيع مخالفته إن خالف الشيخ الحق ، فيتعصب لشيخه ، فيجحد الحق ، فيسقط عند الله ، فتوضع له البغضاء في الأرض ، فلا ينفعُ اللهُ به ولا بشيخه.
و من السلف من كان يؤلف “مشيخة” أو معجماً لشيوخه ، و ذلك دليل سعة الأفق و غزارة العلم ، أما الاقتصار على شيخ واحد فهو مضر بالمتعلم، و يجعله ضيق الأفق قريب الخطأ.
وإذا كان هذا غير ممكن لكثير من طلبة العلم ، فيمكن من وقت لآخر أن تختار إماماً من أهل العلم و تطالع سيرته ثم تقرأ أهم ما كتب حتى كأنك تجالسه، ثم تفارقه إلى غيره ، فتنطبع في ذهنك مع اسم العالم شخصيته العلمية.
فتمر بك المسألة في العلم ، فتجد شيئاً في نفسك يقول ، لعل فلاناً أقعد بها من فلان ، فتجدها كما ظننت ، و هذه ملكة تزداد بكثرة المطالعة و تأمُلِ طباع أهل العلم من بين السطور.
و الله المستعان.
هاني حلمي