مقاصد الشريعة من الاقتصاد الإسلامي في وادٍ ، و المعاملات التي تجريها بعض المصارف الإسلامية في وادٍ أخر!
إن دين الإسلام دينٌ شاملٌ كاملٌ لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه، إنما يدخل على المسلمين النقص تبعاً لتفريطهم في العلم و العمل به.
و يظهر لك توازن دين الإسلام فى باب القروض و الديون عندما تجمع بين مقاصد الشريعة على النحو التالي:
المقصد الأول: أباح الله القروض بين الناس، و أراد لهم منها الرفق و الأحسان في ما بينهم، و حرم عليهم الربا، فحرم ربا الديون، و كل قرض جر نفعاً فهو ربا.
المقصد الثاني: لا يريد الله من الناس التوسع في القروض و الديون، وقصرها على الحاجة الضروية، و قدم الوفاء بالديون على توزيع الميراث ، و غفر للشهيد كل شيء إلا الدين.
أما ما تجريه بعض المصارف الإسلامية من تشجيع الناس على الديون عن طريق الدعاية لبطاقات الائتمان و تسهيل المرابحة المصرفية و التوسع في التورق ، فهذا و إن كانت المعاملة في حد ذاتها صحيحة شرعاً إن استوفت شروطها ، إلا أنها تخالف الصورة الكبرى للاقتصاد الإسلامي الذي ينهى عن التوسع في الديون من غير ضرورة معتبرة!
و ربما تتعلق هذه المصارف بحجة أنهم إن لم يوفروا للناس تلك القروض فأنهم سوف يلجأون للبنوك الربوية!
و هذا منطق فاسد يعكس الأنحراف في مسيرة تلك المصارف الإسلامية عن ما كان ينبغي أن تكون عليه.
فقد كان ينبغي لها أن تتمايز بنموذج عملها و تتفرد برؤيتها المؤسسة على الشراكة التجارية الفعالة في الاقتصاد، و استثمار الأموال في التنمية الحقيقية للموارد، و توفير السيولة لأجل الإنتاج، لا لأجل الاستهلاك و التوسع في القروض الشخصية!
بيد أن الصناعة المصرفية الإسلامية قد غرقت في تكييف المعاملات المالية الجزئية تكييفاً فقهياً، دون الالتفات لصورة الاقتصاد الإسلامي الكلية!
و لا يُفهم من كلامي التنفير عن المصارف الإسلامية، و تسوية الفروق بينها و بين البنوك الربوية، فأين الثرى من الثريا، و أين الظلمات من بصيص النور، و أين خطأ في التطبيق من محاربة الله و رسوله!
و الله المستعان،
هاني حلمي
هاني حلمي 