رأيتُ نخلة مزينة بزينة “الكريسماس” و عليها تعاليق من ضوء و زخارف! و ذلك في أحد أكبر أسواق إحدى الدول الإسلامية!
هذا المسخ المشوه ذكرني بحال كثير من المسلمين اليوم، و ما هم فيه من خلط المفاهيم و ميوعة العقيدة و ذوبان هويتهم الإسلامية في أمم الكفر كما يذوب الملح في الماء…
منظرٌ بشعٌ ، و هيئةٌ ملفقةٌ من رمز الإيمان و رمز الكفر ، منظرٌ يقشعر منه البدن، و تشمئز منه الطباع ، و تمُجه الفطرة السليمة و الفاسدة معاً!
روى البخاري و مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ” إنّ من الشجرِ شجرةً لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟ ». فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا :حدثنا ما هي يا رسول الله فقال: «هي النخلة».
فالنخلة ضربت مثلاً للمسلم في بركتها و ثباتها ، و لعلها أقرب ما تكون للشجرة الطيبة التي ذكرها الله في كتابه مثلاً للكلمة الطيبة: لا إله إلا الله.
أما شجرة الكريسماس فقيل إن أصلها طقس وثني لعبادة و إكرام الشجر ، ثم أقرتها الكنيسة- كعادتها- تاليفاً للناس و إبقاءً على عاداتهم كما فعلت مع كثير من الطقوس الوثنية لينالوا بذلك رضا ملوك الروم و لتوسيع قاعدة المسيحية ، و قيل أن إضاءة الشجرة رمز للمسيح وأحد ألقابه في العهد الجديد “نور العالم”.
فيا لله العجب ، كيف التقى رمز الإيمان و كلمته الطيبة و رمز الكفر و الوثنية و عبادة البشر!
و مع ذلك ترى نظرة بلهاء و مسحة من خبل على وجوه بعض المسلمين ممن يقف ليصور نفسه تحتها!
ألهذا الحد غابت عقول أهل هذا الزمان!
لأن أرى البغايا العرايا في طرقات المسلمين و أسواقهم أحب إلىّ من رؤية مظاهر الاحتفال بأعياد الضالين من أهل الكتاب.
فالبغايا من الشهوات، و الشهوات إن تاب منها العبد يغفر الله له، و أعياد الكفار من الشرك بالله، و الشرك لا يغفره الله عز و جل.
و هذا المعنى حاضرٌ في كلام السلف، ألا ترى قول ابن مسعود رضي الله عنه (لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا) هو من هذا الباب، فإن ذنب الشرك أعظم من ذنب الكذب.
إلا أن كل شيء يتم توظيفه تجارياً ، حتى القيم و الثوابت أصبحت سلعة مبتذلة لترويج البضائع و جني الأرباح.
و إلى الله المشتكى.
هاني حلمي