إن إطلاق وصف التشدد على حكم من أحكام الشريعة، هو من القول على الله بغير علم.
و كذلك إطلاق هذا الوصف على كافة أحكام عالم بعينه يعد بهتاناً عظيماً.
و عند التحقيق، فأن الشدة أو اليسر هما أمورٌ نسبية في مُخيلة الناظر ، فهو ينظر إلى شدة الأمر أو يسره بالنسبة إلى قبول نفسه له أو استثقالها، و ليس باعتبار أن هذا مراد الله الشرعي، و هنا يتميز من يعبد الله ممن يعبد هواه ، و من شرح بأمر الله صدراً ممن أدار له ظهراً!
و هنا فرقٌ لطيف بين وصف نفس أمر الله و نهيه بالشدة، و بين الكراهة الجبلية لبعض الأمور الداخلة في الأمر أو النهي، مثل كراهة القتال الواجب لما فيه من مشقة ، أو كراهة الغسل الواجب في الشتاء لبرودة الماء مع التسليم بحكمة الأمر و النهي، و الذم متوجه للنوع الأول لا الثاني.
و أوامر الله عز و جل و نواهيه هي بمقتضى حكمته ، و هي كلها إما لتحصيل المنافع أو لدفع المفاسد.
و الشريعة مبناها على التيسير ، و التشدد هو “تفعلٌ” من الشدة معناها إرادة الشدة، و الله عز و جل يقول ( يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر) ، فلا يريد الله عز و جل بهذه الأمة الشدة و العسر ، بل أراد لها اليسر و لله الحمد و المنة.
فيجب الانتباه عند إطلاق وصف التشدد على الأحكام أو على العلماء.
و صل اللهم على محمد و آله و صحبه و سلم.
هاني حلمي