ثلاثة آفات تعتري العمل المصرفي و المالي الإسلامي ، من خلال ما يسمى بالمؤسسات المالية الإسلامية:
الأولى:
أنها ولدت في حجور الأنظمة و القوانين الوضعية الرأسمالية ، و التي لا تتوافق في طبيعتها و أهدافها مع نموذج عمل المؤسسات المالية الإسلامية ، و بخاصة المصارف، مما جعل بعض المؤسسات المالية الإسلامية تنحرف عن أصل نموذج عملها الذي وضعت له لكي تتوافق مع القانون الوضعي الغربي ، فهي كالشجرة الطيبة وضعت في أرض خبيثه فلا يخرج ثمارها إلا نكداً ، فبدلاً من أن تصبح تلك المؤسسات الإسلامية مأوى لكل مسلم يريد أكل الحلال، صارت في بعض البلدان جسداً بلا روح ، لم يبق منها إلا الأسماء التي لا تغني عن حقيقة المسمى شيئاً!
و التجربة و الواقع يشهدان أن نجاح المالية الإسلامية مرتبط بتوافق القوانين المركزية الحاكمة للاقتصاد مع الشريعة الإسلامية.
الثانية:
جهلُ كثير من قادة تلك المؤسسات بمسئوليتهم أمام الله في ما جعلهم مستخلفين فيه، و نظرهم القاصر تحت أقدامهم ، بالاضافة للجشع و الدونية و تفضيل الحياة الدنيا ، ذلك أن كثيراً منهم لا يؤمن بالفروق بين النظام التقليدي الربوي و النظام الإسلامي، بل بعضهم متعالمٌ جاهلٌ بشهادة ، يخبط في في أموال الناس على غير هدى من الله و يحسب أنه من أولياء الله الصالحين!
و ثالثةُ الأثافي:
الفتاوى الشاذة غير المنضبطة في النوازل المالية ، و قد تولى كبر الشذوذ في هذا العصر ثلةٌ من الأزاهرة كبار المناصب ، أصاغر الذكر عند الله و عند الذين أمنوا ، و هؤلاء يحملون في أعناقهم أوزاهم و من أوزار الذين يوكلونهم الربا بغير علم ، ألا ساء ما يزرون!
و منهم رجلٌ حي كان شيخاً للأزهر ، و هو الأن متربعاً على عرش الفتوي في أحد أكبر المصارف الإسلامية بمصر ، و قد أباح لهم الإستثمار في أذون الخزانة الحكومية ذات العائد الثابت! و عندما راجعه أحد أهل العلم في ذلك و قال له أنك خالفت فتوى كل المجامع الفقهية في مشارق الارض و مغاربها ، قال له: يجب عليهم أن يغيروا فتواهم!
و منهم من له مساع حسنة و أثار طيبة في حقل الإقتصاد الإسلامي ، و مع ذلك هو حيةٌ تسعى لتخرب ديار المسلمين بالفكر الخارجي الثوري! فهل تشفع له براعته في البيوع لتغفر له ما سُفك من الدماء! فأي أقتصاد بعد خراب الديار و قتل أهلها! و هل يروق دفيناً جودة الكفن!
و الله المستعان.
هاني حلمي