روى البخاري في صحيحه عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
«إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ…» الحديث.
و أخرج ايضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
«وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ، نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ»
قال الحافظ بن حجر في فتح الباري:
” وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الشَّكْوَى هَلْ هِيَ بِلِسَانِ الْمَقَالِ أَوْ بِلِسَانِ الْحَال وَاخْتَارَ كلا طَائِفَة.
وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ وَنَظَائِرُ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ.
وَقَالَ عِيَاضٌ إِنَّهُ الْأَظْهَرُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَا إِحَالَةَ فِي حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، قَالَ وَإِذَا أَخْبَرَ الصَّادِقُ بِأَمْرٍ جَائِزٍ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَأْوِيلِهِ فَحَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْلَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ هُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ نَحْوَ ذَلِكَ التُّورِبِشْتِيُّ.
وَرَجَّحَ الْبَيْضَاوِيُّ حَمْلَهُ عَلَى الْمَجَازِ فَقَالَ شَكَوَاهَا مَجَازٌ عَنْ غَلَيَانِهَا وَأَكْلُهَا بَعْضُهَا بَعْضًا مَجَازٌ عَنِ ازْدِحَامِ أَجْزَائِهَا وَتَنَفُّسُهَا مَجَازٌ عَنْ خُرُوجِ مَا يَبْرُزُ مِنْهَا.
وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ الْمُخْتَارُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِصَلَاحِيَّةِ الْقُدْرَةِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ اسْتِعَارَةَ الْكَلَامِ لِلْحَالِ وَإِنْ عُهِدَتْ وَسُمِعَتْ لَكِنَّ الشَّكْوَى وَتَفْسِيرَهَا وَالتَّعْلِيلَ لَهُ وَالْإِذْنَ وَالْقَبُولَ وَالتَّنَفُّسَ وَقَصْرَهُ عَلَى اثْنَيْنِ فَقَطْ بَعِيدٌ مِنَ الْمَجَازِ خَارِجٌ عَمَّا أُلِفَ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ”
قلتُ (هاني):
و الحق مع من رأى إرادة حقيقة القول، إذ أن الأصل في الكلام الحقيقة، و أسباب أخرى يطول شرحها…
و لا يمنع من كون أشد الحر من فيح جهنم عدم صحة الأسباب الأخرى المشاهدة ، فيكون للشيء الواحد أسباب غيبية تُعرف بالخبر الصحيح و أسباب جلية تُعرف بالمشاهدة و التجريب ، كالإحتباس الحراري و التلوث و خلافة ، و كلٌ من عند الله فهو خالق الأسباب و جلعلها سبباً في التأثير بإذنه ، فيجب اللجوء إلى الله على كل حال لكشف الضر أو حصول نفع، فهو الضار النافع ، خالق كل شيء و مدبر أمره سبحانه و تعالى.
هاني حلمي.