الهوس بكرة القدم…!

روح الإنسان و لابد أن يملؤها شيء ، فلا يُتصور روح فارغة عن تعلق ما ، و يتفاوت الناس نُبلاً و خسةً تبعاً لشرف المُتعلق به.

فأعلي درجات تعلقُ الروح: تعلقها بربها و خالقها ، و السكون إلي دينه، و الفرح به، و لهج اللسان بذكره، و السكون إلي شرعه و سنن رسله و صالح عباده.

ثم ما دون ذلك فدركاتٌ هابطة ، و سفاسف و زخارف و لهو و لعب و زينة ، إلا ما كان وسيلة لغاية شرعية صحيحة ، من دون إثم و لا سرف.

و القلب مثل الاسفنجة يشرب كل ما يُعرض عليه ، إلا اذا تنبه الإنسان و علم ما يأتي وما يذر ، و الصور و الأحداث و الهموم تعلقُ بالقلب ، و تكرار مرورها على القلب يغيره ، فلابد من حراسة القلب من لغو باطل لا ينفع صاحبه ، بل يزيده ضلالاً و بعداً ، و يذهب بعمره الذي هو رأس ماله، و بأرباح رأس المال التي هي الأمور النافعة التي كان يمكن أن يجنيها من رأس المال.

و المحافظة على ذلك المنهج من الأمور الشاقة، لأن طبيعة القلب التقلب، و طبيعة النفس التطلع و التشهي، و إنصاف الإنسان نفسه من نفسه أمر شاق، لذلك يستعان بالله على النفس و هواها و الشيطان و وسوسته و القلب و تقلبه… و يسدد العبد و يقارب حتى تعتاد نفسه على الطاعة و يسكن قلبه للحق و يؤثر إتباع الحق على غيره، ثم بعد ذلك يجاهد نفسه على الثبات و أن لا يغتر بعمله… و لا راحة إلا في الجنة

و من ذاق عرف ، و من جرب مثل تجربتي قال مثل مقالتي.

لا ينبغي لمسلم، خاصةً طالب العلم، أن يكون مهووساً بكرة القدم ، هوس الفارغ البطّال ، الذي لم يستضيء بنور العلم و لم تغمر جنبات روحه أثار الوحيين.

و أنى له أن يخوض مع الخائضين، و يلغ في أعراض لاعبين و مدربين و رؤساء نواد، و يناصر و يتحزب، ألا يخشى على نفسه أن يسقط من عين الله!

ألا يخشى على قلبه أن يتغير! فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً!

و لست منعزلاً في جزيرة وحدي كما يظن بعض معارفي ، و لكن منتهى المعرفة لا يجب أن يتجاوز سطر الخبر إن وقع أمام العين ، و لا أزيد! و ما زاد على ذلك فهو من الفراغ المغبون فيه كثير من الناس.

فرق كبيرٌ بين أن يمر الأمر أمام عينيك أو أن ينكتُ في قلبك. و هذا سر صلاح القلب و صيانة سلامته، و هو مقاومة تشبع القلب بما يضره، أو ما لا ينفعه، أو ما يفوت عليه كمال مصلحته، مع مراعاة الترويح المباح من غير معصية و لا أثم…

أما المشاركة في هذا السفه بالتهاني و التعازي و فري الأعراض و التنابز بالألقاب و إيغار الصدور ، فهذا مما يزيد المسلمين وهناً على وهن.

كرةُ القدمِ أداة تحريش بين المسلمين و إيغارُ صدور بعضهم على بعض ، فحكمها يتبع حكم المفسدة التي تؤدي إليها.

هذا بغض النظر عن المحرمات الأخرى و هي السبق غير المشروع ، و القمار ، و الرهانات، و تبديد الموارد و الأموال في سفاهة ، في حين أن ثلث أطفال المصريين يعانون نقص في النمو بسبب سوء التغذية ، كما ذكرت إحدى الإحصائيات!

و ثمرة العقل حسن الاختيار.

هاني حلمي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s