ستدرك أنك محاطاً بالشهوات إحاطة السوار بالمعصم! و أن كنت ممن يرقبُ اللهَ في بصره، و تسعى في سلامة قلبك… فستألفُ نظراتُك تفاصيلَ نقش حذائك، و ستعانقُ عيناك قمم الأبراج الشاهقة، و لن تعبأ بمن بينهما!
سوف تحفظ أنواع الأرضيات و سوف يعرفك حصى الطريق، و ستصير خبيراً في الأسقف المعلقة و فتحات التكييف! و ستدرك سريعاً ما زاد من حجم كرشك بما أخفى عن نظرك من حذائك!
و ما وراء ذلك من سلامة القلب حبة خردل.
فإن مجموع نظرات الفجأة الأولى، و نظرات التعجب، و نظرات الاشمئزاز،… قد تتراكم على قلبك و ينسج لك منها الشيطان سهماً مسموماً يصيبك في مقتل…
قال تعالى {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ (15)} [القيامة : 14-15]
قال ابن عباس : بصيرة أي شاهد ، وهو شهود جوارحه عليه : يداه بما بطش بهما ، ورجلاه بما مشى عليهما ، وعيناه بما أبصر بهما.
في هذا الزمان العجيب صار تسعة أعشار الحياء في الرجال…!
إن انحلال كثير من النساء من قيم الإسلام ، زهّد في النظر إليهن كثيرٌ من الرجال ، حتى تلحظ ذلك في كثير من الأماكن العامة.
ترى إناثاً عارية تجذب ذكوراً مستثارة في مقتبل العمر ، و هذا يليق بالصبيان و ما يلبثوا أن يكبروا فيزهدوا فيهن!
و ترى رجالاً ناكسة الرؤوس عليها حُسن السمت، لا يبالي الواحد منهم بما حوله من بهرج و زينة ، و نساءً عارية تنبح على الناس عوراتها ، و ما من مجيب ولو بحجر!
و تكاد المرأة في هذا الزمان تبرز ما استطاعت من مفاتنها فلا يزيد الرجال فيها إلا زهداً، و لا يحوم حولها إلا الذباب من الذكور و الصبيان!
يوشك أن نرى إناثاً كما ولدتهن أمهاتهن، يمشين في أسواق المسلمين، لا يرفع الرجل فيها عينيه من الزهد!
و تصديق ذلك، قول الصادقُ المصدوق صلى الله عليه و سلم “مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إن لم تستح فأصنع ما شئت!” و مفهوم ذلك أن الحياء يمنع صاحبة من أن يصنع ما يشاء ، فإن عُدم الحياء رأيت تلك الدُمي الملفقة و المسوخ المُنمقة!
هاني حلمي