يجب أن تكون ذنوب العبد على ذكر منه في ما بينه و بين الله ، و أن لا يضع ذنوبه في بقعة النسيان من القلب، و إن تاب منها ، فإن ذكر الذنب يجدد في النفس الخوف من الله و يجدد معه التوبة و الإنابة إليه ، و يكسر في النفس حدة الكبر و التعالي و الزهو بالطاعة.
و من هذا الباب، فكم من ذنبٍ انتفع به صاحبه أكثر من عبادة سنين ، و لله الحكمة البالغة.
فإن التائب من ذنب يكون بعد توبته منه أشد الناس بغضاً لهذا الذنب و تحذيراً منه ، و قد يُنقذُ اللهُ على يد التائب من قد كاد أن يقع في هذا الذنب، فيصير الذنب في حق التائب منحة من الله و سبباً في الفوز بمرضاته.
و إن كان ذكر الذنب سيبعث في نفسه الشهوة إليه ، و سيخرق عليه ثوب التوبة، فلا يذكره و ليتركه في بقعة النسيان و ليجدد الإخلاص في التوبة حتى لأن يُقذف في النار يكون أحب إليه من مقارفة الذنب مرة أخرى ، حينها يذكره لتجديد ثوب الخوف و التوبة و الإنابة.
أما من يمضي قُدماً لا يعرف معروفاً من منكر ، و لا ذنباً من توبة ، و لا يدري طباً من مرض، فإن مات على ذلك يخشى عليه من نار الآخرة تُطهره ، فإن آخر الطب الكي!
فالتوبة الصادقة و الرجوع إلى الله تقلبُ المِحنَ إلى منح ، و الله على كل شيء قدير، قال تعالى:
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
هاني حلمي