هذا الحديث من أكثر ما أسيء فهمه عند كثير من المسلمين، بل بعضهم يرد به النصوص القاطعة من الكتاب و السنة لأدني معارضة تخطر بقلبه!
عن وابصة بن معبد رضى الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “جئت تسأل عن البر و الإثم ؟” قلتُ : نعم ؛ قال : “استفت قلبك؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك”
قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين: حديث حسن، رويناه في مسندي الإمام أحمد بن حنبل ، و الدارمي بإسناد حسن .
من فقه الحديث ( شرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله):
– جواز الرجوع إلى القلب والنفس لكن بشرط أن يكون هذا الذي رجع إلى قلبه ونفسه ممن استقام دينه ؛ فإن الله عز وجل يؤيد من علم الله منه صدق النية .
– أن الصوفية وأشباههم استدلوا بهذا الحديث على أن الذوق دليل شرعي يرجع إليه لأنه قال: “استفت قلبك” فما وافق عليه القلب فهو بر. فيقال : هذا لا يمكن لأن الله تعالى أنكر على من شرعوا دينا لم يأذن به الله، ولا يمكن أن يكون ما أنكره الله حقا أبدا .
ثم إن الخطاب هنا لرجل صحابي حريص على تطبيق الشريعة فمثل هذا يؤيده الله عز وجل ويهدي قلبه حتى لا يطمئن إلا إلى أمر محبوب إلى الله عز وجل.
– أن لا يغتر الإنسان بإفتاء الناس لا سيما إذا وجد في نفسه ترددا ؛ فإن كثيراً من الناس يستفتي عالما أو طالب علم فيفتيه ثم يتردد ويشك ؛ فهل لهذا الذي تردد وشك أن يسأل عالما آخر ؟ الجواب : نعم بل يجب عليه أن يسأل عالما آخر إذا تردد في جواب الأول .
– أن المدار في الشرعية على الأدلة لا على ما أشتهر بين الناس ، لأن الناس قد يشتهر عندهم شيء ويفتون به وليس بحق فالمدار على الأدلة الشرعية والله الموفق .