سيكلوجية الجماهير…!

غوستاف لوبون (7 مايو 1841 – 13 ديسمبر 1931) هو طبيب ومؤرخ فرنسي، اهتم بالطب النفسي وأنتج فيه مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع، مما جعل من أبحاثه مرجعًا أساسيًّا في علم النفس، ولدى الباحثين في وسائل الإعلام في النصف الأول من القرن العشرين… كما تقول ويكيبيديا.

ألف هذا الرجل كتاباً بعنوان سيكلوجية الجماهير، و من أهم مباحثه قوله:

“إذن إليكم الآن مجموع الخصائص الأساسية للفرد المنخرط في الجمهور: تلاشي الشخصية الواعية ، هيمنة الشخصية اللاواعية، توجه الجميع ضمن نفس الخط بواسطة التحريض والعدوى للعواطف والأفكار، الميل لتحويل الأفكار المحرَّض عليها إلى فعل وممارسة مباشرة.

وهكذا لا يعود الفرد هو نفسه، وإنما يصبح عبارة عن إنسان آلي ما عادت إرادته بقادرة على أن تقوده. 

هذا يعني أنه بمجرد أن ينضوي الفرد داخل صفوف الجمهور فإنه ينزل درجات عديدة في سلم الحضارة. فهو عندما يكون فردا معزولاً ربما يكون إنسانا مثقفاً متعقلاً، ولكنه ما إن ينضم إلى الجمهور حتى يصبح مقودا بغريزته وبالتالي همجياً.

وهو عندئذ يتصف بعفوية الكائنات البدائية وعنفها وضراوتها وحماستها وبطولاتها أيضا. ويقترب منها أكثر بالسهولة التي يترك نفسه فيها عرضة للتأثر بالكلمات والصور التي تقوده إلى اقتراف أعمال مخالفة لمصالحه الشخصية بشكل واضح وصريح. إن الفرد المنخرط في الجمهور هو عبارة عن حبة رمل وسط الحبات الرملية الأخرى التي تذروها الرياح على هواها”

قلتُ: و من يتأمل عمق ما سطره لنا سلفلنا الصالح يُدرك أن هذا كان معلوماً لديهم!

لقد قرر سلفُنا الصالحُ منذ ما يزيد عن الف سنة ما سطره “غوستاف لوبون” منذ قرن من الزمان!

فقد صح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:

” … دع عنك أمر العامة.”

و لا يخفى عليكم أثر كميل بن زياد عن علي بن أبي طالب الذي جاء فيه:

” … النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ…”

ورويّ عن عبد الله بن مسعود أنه قال:

“لا يكون أحدكم إمَّعة، قالوا: وما الإمَّعة يا أبا عبد الرَّحمن؟ قال: يقول: إنَّما أنا مع النَّاس، إن اهتدوا اهتديت، وإن ضلُّوا ضللت، ألَا ليوطِّن أحدكم نفسه على إن كفر النَّاس، أن لا يكفر”

و قال الخطابي رحمه الله – المتوفى 388 هجرياً – عن العوام (الجماهير، بمصطلح العصر):

” فالواجب على العاقل أن لا يغتر بكلام العوام وثنائهم , وأن لا يثق بعهودهم وإخائهم , فإنهم يقبلون مع الطمع ويدبرون مع الغنى ويطيرون مع كل ناعق , وكان الحسن رحمة الله عليه , يقول إذا رآهم : هؤلاء قتلة الأنبياء , وكان بعضهم يقول إذا رآهم : قاتلهم الله , هذه الوجوه التي لا ترى إلا في الشر , وكان آخر منهم يقول في العامة : إنهم إذا اجتمعوا غلبوا , وإذا تفرقوا لم يعرفوا , وقال آخر : إذا اجتمعوا أضروا , وإذا تفرقوا نفعوا . يريد أنهم إذا تفرقوا رجع كل واحد منهم إلى صناعته فيخرز الأكاف ويخصف الحذاء وينسج الحائك ويخيط الخياط فينتفع بهم الناس”.

هاني حلمي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s