هذه كلماتٌ كنتُ قد كتبتها على الواجوه في مناسبات مختلفة عن فرقة الخوارج المسماه (داعش):
لا أعلم أي ذنوب داعش أعظم، الإفساد في الأرض أم الصد عن سبيل الله.
ولا أعلم أي ذنوب المسلمين أعظم حتى ينالوا تلك العقوبة من الله، ترك الحكم بما أنزل الله أم الغفلة عن دينه و الركون إلى الدنيا.
داعش عقوبة للمسلمين على التفريط في دينهم، و هم من الذل المسلط على المسلمين، فإن تسلط الكفار و الخوارج و الروافض على المسلمين في أزمنة ضعفهم هو من السنن الإلهية المعلومة.
وكلما أوغلنا بُعداً كلما ازدادت العقوبة شدة، حتى نرجع إلى ديننا الحق، الدين المُنزل لا الدين المُبدل.
و أقدار الله المؤلمة ( أي ألم المقدور) لا تُرفع إلا بالرجوع إلى الله و سلوك الأسباب الشرعية في التغيير و منها تعلم العلم ونشره، و تدبر كتاب الله و العمل به، وترك الفواحش و التوبة إلى الله، و لزوم جماعة المسلمين، و سد أبواب الفتن، فإن الله لايُنال رضاه إلا بسلوك طريق يرضاها، و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
أما سلوك الطرق التي لا يرضاها الله في التغيير، من ثورات ومظاهرات و خروج على الحكام، هل أتى ثماره؟ أم يتجرع الناس من حنظله يوماً بعد يوم! و لا يكابر في ذلك إلا معدوم العقل و الحس.
التغير يبدأ من عندك أنت، من نفسك التي بين جنبيك، قل أمنت بالله ثم استقم، أنت وحدة بناء المسلمين، و إن صلح حالك صلح حال المسلمين، و إن أعرضت فأنت سبب ما يحدث للمسلمين، نعم أنت أنت ، و ليس الحكام على ظلمهم، فإن كنت صالحاً ولى الله عليك صالحاً وحفظ عليك نعمته و إن ابتلاك فرفعاً لدرجتك و حطاً من ذنوبك، و هذه من السنن الإلهية المعلومة.
فإن عشت على ذلك المنهج عشت طيباً و بعثت سعيداً، و إن لم تر بعينك أثر صلاح حالك على عموم المسلمين، فإن الله ناصر دينه و لا غالب إلا الله.
و أما إن أعرضت و وليت الإسلام دبرك، عشت ضنكاً و بعثت شقياً، و أُخذت بذنبك و جنايتك على الإسلام و المسلمين.
لك الخيار اليوم، و الحساب على الله غداً.
يعتقد الخوارج – أمثال داعش و غيرها- أن الناس قد فسدوا فساداً لا ينفع معه إلا قتلهم جمعياً!
و ينقسم الناس في أصول الخوارج إلى ثلاثة أقسام:
مسلم : و هو من انضم إليهم و بايعهم و رضي بهم.
و كافرٌ أصلي : و هم اليهود و النصارى و سائر المشركين.
كافرٌ مرتد : و هم باقي المسلمين ممن لم يباعيهم و ينضم إليهم.
وكما هو معلوم فالكافر المرتد أدنى منزلة من الكافر الأصلي، فإنهم يتقربون لله بقتل أمثالي من المرتدين الذين لم يخرجوا على حكم الطواغيت!
فالخوارج لا يعرفون العهود و المواثيق و لا السياسة الشرعية و لا يعلمون من سنة رسول الله شيئاً و هم أجهل أهل الأرض بدين الإسلام، و إن صاموا و صلوا و زعموا أنهم من الإسلام، و لم يسلم من إفسادهم في الأرض شجر و لا حجر.
و أهم سمات الخوارج التي لا تكاد تفارقهم على مر العصور هي الغلو، و التكفير، و اتباع الهوى و المتشابه.
و من أهم أسباب تسلط الخوارج على الناس في هذا الزمان هو مظاهر الإرجاء المستشرية في أوصال الأمة، فإن الإرجاء يعطل الروح الدافعة للعمل، فينتج عنه حركة الخروج الارتدادية الغالية.
و بيئة الارجاء مرتعاً للجهل الذي يخرج فيه قرون الخوارج الخبيثة، و الحق وسطٌ بينهم و عليه نورٌ من الله.
(و على الله قصد السبيل و منها جائرٌ و لو شاء لهداكم أجمعين)
و كتبتُ بعد هجمات باريس العام الماضي:
“داعش بضاعة أوروبا رُدت إليها!
داعش كلب أوروبا الذي سمنته ليأكلها!
قال تعالى:
{وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام : 129]
الغلو و التطرف الديني كله، حتى المنسوب للمسلمين، ليس له أصول في ملة الإسلام ، و لا تقر شريعة الإسلام أحداً عليه.
فكل من تحزب في الإسلام و شق عصا المسلمين ، فهو خارج عن الشريعة الإسلامية قدر مخالفته ، و الخوارج يمرقون من الدين الإسلامي كالسهم من الرمية بشهادة رسول الإسلام ، و كفي بها شهادة!
و الحق أن الغلو و التطرف وليد رحم الغرب الصليبي، هم أبو التطرف و أمه، و من أراد أن يحقق قولي فعنده التاريخ الاستعماري الأوروبي في القرون الأربعة الاخيرة ، شاهداً عليهم بأنهم عتاة المكر و الإجرام.
ألم يكن في استطاعة الترسانة الحربية الأوروبية وأجهزة استخباراتها وأد هذا التنظيم في المهد!
بل تركوه ورقة يمكرون بها للمسلمين!
فليذوقوا شيء من مكرهم في الدنيا، و في الآخرة عذابٌ شديد.
هاني
و اليوم لا أعلم أهم صناعة أوروبية أم صناعة مجوسية، أم أن أمم الكفر قد اجتمعوا على صناعتهم!
يا لحسرة الدواعش يوم القيامة!
يحسب نفسه مجاهداً في سبيل الله فلا يجد نفسه إلا كلباً من كلاب النار!
و يظن أن تستقبله ملائكة الرحمة فلا يجد إلا ملائكة العذاب!
و يظن أن وجهه سوف يبيض يوم القيامة فإذا هو أسود مثل لون قلبه!
و يظن نفسه على منبر من نور فإذا هو بلا نور ، يلتمس النور من المؤمنين!
و يظن أن الحور العين في انتظاره ، فإذا بأشلاء بشر تمسك برقبته و تقول يارب: سل هذا فيما قتلني!
ماذا لو رأوا الذين كفروهم بغير حق ، هم عند الله من الصديقيين و الشهداء و الصالحين!
ماذا لو قال لهم رسول الله سحقاً سحقاً بعداً بعداً و طردتهم الملائكة عن حوض رسول الله!
قاتلهم الله أين ذهبت عقولهم!
جاء في بيان الشيخ آل الشيخ ، مفتي المملكة العربية السعودية، اليوم ما نصه :
“… وأن أفكار التطرف والتشدد والإرهاب الذي يفسد في الأرض ويهلك الحرث والنسل ليس من الإسلام في شيء ، بل هو عدو الإسلام الأول ، والمسلمون هم أول ضحاياه ، كما هو مشاهد في جرائم ما يسمى بداعش والقاعدة وما تفرع عنها من جماعات ، وفيهم يصدق قوله صلى الله عليه وسلم “سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة”.
وهذه الجماعات الخارجية لا تحسب على الإسلام ، ولا على أهله المتمسكين بهديه, بل هي امتداد للخوارج الذين هم أول فرقة مرقت من الدين بسبب تكفيرها المسلمين بالذنوب ، فاستحلت دماءهم وأموالهم… ”
اسم البيان : تبصرة و ذكرى ، و هو بتاريخ اليوم 19/08/2014