(1)
إن شعوبنا العربية المسلمة تُفكك ويعاد تركيب ثقافتها وعادتها وشكلها وسلوكها على أسس ليبرالية رأسمالية.
الأسس الليبرالية لفتح العقول والقلوب على التحرر من سلطان الدين والتمرد على كل ما من شأنه أن يحول بين الإنسان وسعادته “المتوهمة” التي هي إشباع وشهواته وملذاته من أي طريق كان.
ومن ورائها الرأسمالية التي تفتح الأسواق لتعمل الليبرالية عملها؛ وتمد الليبرالية بأدواتها، فهما وجهان لعملة واحدة.
واعظم أدوات هذا التفكيك هو: الإعلام بكل أنواعه؛ المسموع منه والمقروء والمرئي؛ وشبكات التواصل كافة؛ أضف إلى ذلك التعليم الغربي الذي صار لا مفر منه.
ثم من ورائهم تعمل الأسواق لتبيع للناس الحياة التي يرونها على الشاشات؛ ويتعلمون لغتها في مدارسهم، ويحدثهم عنها نخبتهم من أحلاس سناب شات وانستجرام ممن غالب كسبهم من الباطل ويتمرغون في الباطل…
فصارت الأحلام والاهداف والنجاح والفشل، العامة والخاصة والغنىَ والفقر، والرفعة والوضاعة؛ والرقي والسفول،… تُخطُ رسومها على معايير الليبرالية والرأسمالية، ويُسقى الناس سمومهما وتُمسخ هويتهم؛ وتُرسم معالم ثقافتهم واجتماعهم على هذه الأسس الجديدة…
والنساء في هذا السعير هنَّ الوسيلة والغاية والحافز والمكافأة؛ هنَّ النعيم والعذاب؛ وبهنّ يتغنى المغنون وإليهن يسعى الساعون، فهنَّ مفتاح باب الفتن… وصدق الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، في ما رواه مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ “
وما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول فتنة بني إسرائيل إلا لنحذر صنيعهم ونعتبر بهم، وانظروا كيف قرن فتنة الدنيا بفتنة النساء، وفي هذا الاقتران ما فيه من دقائق العلم لقوم يفقهون…
وذَكَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَوَّلَ مَا هَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنَّ امْرَأَةَ الْفَقِيرِ كَانَتْ تُكَلِّفُهُ مِنَ الثِّيَابِ أَو الصِّبْغِ – أَوْ قَالَ: مِنَ الصِّيغَةِ – مَا تُكَلِّفُ امْرَأَةُ الْغَنِيِّ، وَذَكَرَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَصِيرَةً، كَانَتْ تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَصَاغَتْ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَجَعَلَتْ لَهُ غَلَقًا ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا وَخَرَجَتْ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ فَإِذَا مَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ، قَالَتْ بِهِ فَفَتَحَتْهُ، فَفَاحَ رِيحَهُ…
تأملوا هذه الأخبار والروايات وما فيها من معانٍ، سعي الرجل للمال وراءه امرأة تكلفه زينتها، وتفسحوا في معنى الزينة لتشمل كل متاع الدنيا لتصير أسلوب حياة، وتأملوا عمل الرأسمالية في خلق الاسواق والسلع، وتأملوا معاني التبرج والسفور والظهور في فعل ذات الرجلين من خشب، والسعي وراء تغيير الخلقة وفتنة الظهور والسخط على الحال، وتفسحوا في المعنى وأدخلوا صناعات التجميل وجراحاته وأسواقهم وإعلاناتهم، وتأملوا عمل الليبرالية في بث عقيدة فعل الإنسان ما يشاء في نفسه؛ وتأملوا مرورها بالمجلس، وتفسحوا في إدخال مواقع التواصل كافة والإعلام بشتى صوره، تأملوا تدركوا أن النساء هن مفتاح الفتن لمسخ المجتمعات وأن السُنة والنصوص مفتاح النجاة وقرة العيون لقوم يعقلون… والله غالب على أمره.
وللحديث بقية بإذن الله،،،
هاني حلمي
(2)