بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
هذا فصل قليلة مبانيه عظيمة معانيه، كتبه شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى، نقلته لتعم الفائدة من كتاب “جامع المسائل – المجموعة الخامسة”، تحقيق: محمد عزير شمس، بإشراف: بكر بن عبد الله أبو زيد، رحمه الله تعالى، نشرة: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع – مكة، الطبعة: الأولى، 1424 هـ، صفحة: 261.
وموضوع هذا الفصل هو ما رواه البخاري (3841) ومسلم (2256)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ :أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ “.
فصل في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أصدقُ كلمةٍ قالَها شاعر كلمةُ لَبيد: ألاَ كلُّ شَيْءً مَاخَلاَ الله باطِلُ.
فقد جَعَلَ هذه الكلمةَ أصدقَ كلمةٍ قالَها شاعر، وهذا كقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62]، وقال: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32]، ونحو ذلك يتناولُ كلَّ معبودٍ من دون الله من الملائكة والبشرِ وغَيرِهم من كل شيء، فهو باطل، وعبادتُه باطلةٌ، وعابدُه على باطلٍ، وإن كان موجودًا كالأصنام.
و”الباطل” يُرادُ به: الذي لا يَنفع عابدَه، ولا ينتفع المعبودُ بعبادتِه. فكلُّ شيء سِوى اللهِ باطل بهذا الاعتبار، حتى الدرهم والدينار، كما في الدعاء المأثور: “أشهدُ أنّ كلَّ معبودٍ من لَدُنْ عرشِك إلى قرارِ أرضِك باطل إلاّ وَجْهَك الكريم” (1)، فإنّ كلَّ نفسٍ لابُد لها أن تألَهَ إلهًا هو غايةُ مقصودِها (2)، فكلُّ ما سِوى اللهِ باطل، وهو ضالّ عن عابِدِه، كما أخبرَ بذلك في كتابِه.
و”الضلال” يُراد به الهلاك، كما قال تعالى: {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [السجدة: 10] قالوا: معناه هَلكْنا وصِرْنَا تُرابًا. وأصلُه من قوله: ضَلَّ الماءُ في اللَّبَن، إذا هَلَكَ فيه وتَلاَشَى. فإذا كان الضَّالُّ في الشيء هالكًا فيه، فالضالُّ عنه هالك عنه. ولهذا قال: {ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 104] أي: هَلَكَ وذهبَ، وهو بمعنى بَطَلَ.
فكلُّ معبودٍ سِوى الله فهو باطل وضالّ، يُضِلُّ عابدَه ويَضِل عنه، ويَذهبُ عنه، وهالكٌ عنه، إلا وجهَ الله. فعبادةُ ما سِواه فاسدةٌ وباطلٌ وضلال، والمعبود سواه فاسدٌ.
قال مجاهد في قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] قال: إلاّ ما أرِيدَ به وجهُه. وقال سفيان الثوري: إلاّ ما ابتُغِيَ به وجهُه. كما يقال: ما يَبقَى إلاّ الله والعملُ الصالحُ. وفي الحديث: “الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ذِكر الله وما والاه، وعالم ومتعلم” (3). فأيّ شيء قصدَه العبدُ وتوجَّه إليه بقلبِه أو رَجَاه أو خافَه أو أحبَّه أو توكَّل عليه أو والاه، فإنّ ذلك هالكٌ مُهلِلك، ولا ينفعُه إلاّ ما كان لله.
وهذا بخلاف قوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن]، فإنّه حَصرَ كلَّ مَن عليها ولم يَستثنِ، مع أنَّ هذا المعنى يَدلُّ عليه، فإنّ جميعَ الأعمال تَفنَى، ولا يَبقَى منها شيء يَنفَعُ صاحبَه إلاّ ما كانَ لوجهِ ذي الجلال والإكرام، كما قال مالك: ما كان لله فهو يبقَى، وما كانَ لغيرِ الله لا يدومُ ولا يَبقَى.
وقال تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [ النحل: 96]، ولهذا قيل: الناس يقولون: قيمةُ كل امرئٍ ما يُحسِنُ، وأهلُ المعرفةِ يقولون: قيمةُ كلِّ امرئ ما يطلب. ومما رُوِي عن بني إسرائيل: “يقول الله: إني لا أنظر إلى كلام الحكيم، ولكنّي إنما أنظر إلى همتِه”.
وقد رُوِي أنّ الله سبحانَه يقول: “إنّ أدنَى ما أنا صانعٌ بالعالمِ إذا أحبَّ الدنيا أن أَمنعَ قلبَه حلاوةَ ذِكري”(4). وتصديقُ ذلك في القرآن: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [النجم]، وقال: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [سورة الروم: 7]. وفي الصحيح حديثُ الثلاثة الذين أوّل ما سُعِّرتْ بهم النارُ، ذكر منهم العالم الذي يقول: تعلَّمتُ العلمَ فيك وعلمتُه فيك، فيُقال له: كذبتَ، بل أردتَ أن يقال فلانٌ عالمٌ، وقد قيل، ثمّ يُؤمر به فيُسحَب إلى النار.
ومعاويةُ لمّا سمعَ هذا الحديثَ بكَى وقال: صدقَ الله وبلَّغَ رسولُه، ثمَّ قرأ قولَه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)} [هود] (5).
وكذلك في الحديث في السنن: “مَن طَلَب علمًا مما يُبتغَى به وجهُ الله، لا يَطلبُه إلاّ لِيُصيبَ به عرضًا من الدنيا، لم يَرِحْ رائحةَ الجنَّة” (6). وفي الحديث الآخر: “من طَلَبَ علمًا -أو قال: من تعلَّم علمًا- ليُجارِيَ به العلماءَ ويُمارِيَ به السُّفَهاءَ، ويتأكَّلَ به الدنيا، ويَصْرِفَ به وجوهَ الناسِ إليه، لقيَ الله وهو عليه غَضبانُ”. وفي رواية: “لم يَجِدْ عَرْفَ الجنةِ”. (7)
وهذا باب واسعٌ قد بُسِطَ في غير هذا الموضع، وتكلَّمنا فيه على آية هود وآية سبحانَ وآية الشورى وغير ذلك من الآيات والأحاديث والآثار في ذمِّ العالمِ وغيرِه المريد للدنيا والقَالَةِ (8)، وبَيَّنا فيه أماراتِ ذلك، وبَيَّنا أن الدينَ كلَّه لله، وأن الله أغنى الشركاء عن الشركِ، وأن الصحابة والسلف كانوا أخوفَ الخلق في هذا المقامِ الخطِر.
والمقصود أن هذا العالم لمّا لم يكن مقصودُه إلاّ الدنيا بما عَلِمَه من العلم وبما يُعلِّمه، وذلك مما يُبْتَغَى به وجهُ الله، لم يكن له عند الله قيمةٌ، ولم يكن للعلم في قلبه حلاوة، ولم يَرْتَعْ في رياضِ الجنَّة في الدنيا، وهي مجالس الذكر، فلم يَرِحْ رائحة الجنة.
فالأولُ طلبَ العلم لكسب الأموال والجاهِ، فكان عقوبتُه أن لا يجدَ رائحةَ الجنَّة. والثاني طَلَبه لمقاصدَ مذمومةٍ من المباهاةِ والمماراةِ وصَرْفِ وجوهِ الناس، فكان جنسُ مطلوبِه محرَّمًا، فلقيَ الله وهو عليه غَضبان.
والأول جنسُ مطلوبِه مباحٌ، فلم يجد رائحةَ الجنةِ في الدنيا، فلم يَرتَعْ في رياضِها، فقلبُه محجوبٌ عنها بما فيه من طلب الدنيا. وفي حديث مكحولٍ المرسل: “مَن أخلصَ لله العبادةَ أربعين صباحًا تفجَّرتْ ينابيعُ الحكمةِ من قلبه على لسانه” (9). وحُكِي عن أبي حامدٍ قال: أخلصتُ لله أربعين صباحًا فلم يُفَجَّرْ لي شيءٌ، فذكرتُ ذلك لبعضِ أهل المعرفة، فقال: إنك لم تُخلِصْ لله، وإنما أخلصتَ للحكمة.
وكذلك الحكاية المشهورة عن الحسن (10) في ذلك الرجلِ الذي كان يَتعبَّدُ ليراهُ الناسُ ولِيُقَال، فكان الناسُ يَذُمُّونَه، ثمَّ أخلصَ لله ولم يُغَيِّر عملَه الظاهر، فألقَى الله له المحبةَ في قلوب الناس، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)} [مريم].
وإذا كانت العبادةُ تبقى ببقاءِ معبودِها فكلُّ معبودٍ سوى الله باطل، فلا تَبقَى النفسُ، بل تَضلُّ وتَشْقَى بعبادةِ غيرِ الله شقاءً أبديا، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]. إنما كان بقاؤها ببقاءِ معبودِها لأنها مريدةٌ بالذات، فلابُدَّ لها من مُرادٍ محبوبٍ هو إلهها الذي تَبقَى ببقائِه، فإذا بَطَلَ بَطلَتْ وتَلاشَى أمرُها، وما ثَمَّ باقٍ إلاّ الله. والأفلاكُ وما فيها كلُّه يَستحيلُ، والملائكةُ مخلوقون يَستحيلون، بل ويموتون عند جمهور العلماء.
والعبدُ ينتفع بما خُلِقَ بشيء من حيث هي من آيات الله له فيها، فهي وسيلة له إلى معرفة الله وعبادته، ولو كان العلمُ هو الموجب لما يَطلُبه هؤلاءِ لكانَ هو العلم بالله، فإنه هو الحق، وما سِواه باطل، ومَن له مِن مخلوقاتِه فالعلمُ به تابع للعلم بالله، والعلمُ الأعلى هو العلم بالأعلى. كما قال: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى]، فهو ربُّ كلِّ ما سِواه، فهو الأصلُ، فكذلك العلم به سيِّدُ جميع العلوم وهو أصلٌ لها.
انتهى
هامش تخريج الأحاديث و التعليقات:
(1) قال محقق الكتاب: أخرجه ابن قدامة في “التوابين” (ص 50 – 56) من حديث ابن عباس في حديث إسرائيلي طويل.
(2) تألَه: أي تعبد، قال الراجز: (لله دَر الغانيات المَده … سبحن واسترجعن من تأله) أي من عبادتي.
(3) قال محقق الكتاب:أخرجه الترمذي (2322) وابن ماجه (4112) عن أبي هريرة. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(4) قال محقق الكتاب: ذكره ابن عبد البر في “جامع بيان العلم” (1/ 671) بلا إسناد. قال العراقي في “تخريج الإحياء” (4/ 56): غريب لم أجده.
(5) قال محقق الكتاب: مسلم (1905) عن أبي هريرة. وزيادة خبر معاوية عند الترمذي (2382).
قلتُ: ورواية الترمذي رحمه الله جاء فيها مختصراً:
قال أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
“ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ، فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ، وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ.
فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ : أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ. وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ. وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ.
وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ. وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ. وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ.
وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : فِي مَاذَا قُتِلْتَ؟ فَيَقُولُ : أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : كَذَبْتَ. وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ. وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَرِيءٌ. فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ “.
ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ : ” يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ “
“… فدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ [ أي: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما] فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ هَذَا، فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ؟ ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ، وَقُلْنَا : قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ. ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ } { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.”
(6) قال محقق الكتاب:أخرجه أحمد (2/ 338) وأبو داود (3664) وابن ماجه (252) عن أبي هريرة.
(7) قال محقق الكتاب:أخرجه الترمذي (2654) عن كعب بن مالك، وابن ماجه (253) عن ابن عمر، وابن ماجه (260) أيضًا عن أبي هريرة. وفي أسانيدها ضعف.
قلتُ: لم أجد رواية تجمع الألفاظ التي ذكرها شيخ الإسلام منتظمة، وإن كانت ألفاظ الحديث قد روي بعضها مجتمعاً في أكثر من رواية، بعضها حسن وبعضها صحيح, ومنها ما رواه أبو داوود (3664) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا ؛ لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ “. يَعْنِي رِيحَهَا.
(8) قلتُ: (القَالَة): أراد بها السُمعة والله أعلم، ونقل صاحب لسان العرب ” …الليث: يقال انتشَرَت لفلان في الناس قالةٌ حسنة أَو قالةٌ سيئة”
(9) قال محقق الكتاب:: أخرجه المروزي في “زيادات الزهد” (1014) وابن أبي شيبة في “المصنف” (13/ 231) وهنّاد بن السري في “الزهد” (678) مرسلاً. ورُوِي موصولا ولا يصحّ، انظر “الضعيفة” للألباني (38).
(10) وهو الحسن البصري من كبار التابعين، انظر تفسير ابن كثير (5/ 2254).