سؤال عن المرابحة للأمر بالشراء وبيع التقسيط والعربون…!

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف حالك أخي المبارك؟

سؤال: نريد إجابة مفصلة له بارك الله فيك وعليك:

أنا تاجر أدوات صحية و أزاول البيع بالتقسيط، فجاءني زبون وقال لي أريد بطارية سيارة بالتقسيط فقلت له أنا لا اشترى هذه البطاريات فطلب مني أن اشتريها له ويأخذها مني بالتقسيط مثلها مثل أي أداة من الأدوات الصحية التي أتاجر فيها فقلت له وكيف أضمن آني إن اشتريتها ستأخذها مني ؟

فاتفقنا على أن يدفع عربونا يكون بمثابة وعد بشراء البطارية لحين إن يشتريها هو من التاجر وإذا ما تم عقد الشراء بين التاجر وصاحب العربون صار العربون جزء من ثمن البطارية.

هل هذا بيع ما لا يملك؟؟ هذا العربون واجب للمشتري عند فسخ التعاقد؟؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،

بارك الله فيكم أخي الكريم، ورزقني وإياكم تحري الحلال، وأذكركم بما رواه مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم “أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ”

والمسلم لا يستغى عن الله ولا يكتفي من معونته ومعيته طرفة عين، فإن أكل المسلم الحرام ورُدت دعوته فقد خسر خسراناً مبيناً، وكفي بترك استجابة الله لدعوته وحشةً وعقوبة لمن كان حي القلب، ولعل من أبرز أثار أكل الحرام في الدنيا هو فساد الأخلاق، وهو أمرٌ مُشاهدٌ لا يحتاجُ إلى تقرير… قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله في كتابه شأن الدعاء ، ص 233: “…فَإن أكْلَ الحَلَالِ يَصلُحُ عَلَيْهِ القَلْبُ وَتَحْسُنُ مَعَهُ الأخْلَاقُ، وَأكْلُ الحَرَام يَفْسُدُ عَلَيْهِ القَلْبُ وَتَخْبُثُ مَعَهُ الأخْلَاقُ.”

أما بخصوص سؤالك، فسأبسط لك الكلام على المسألة تفصيلاً بما يقتضي المقام بناءً على رغبتك، ثم سأجيبك على سؤالك وأرشدك بإذن الله لأقرب الطرق الموصلة لتصحيح المعاملة الواردة بالسؤال، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.

صورة هذه المعاملة وتوصيفها هو ما تعارفت عليه المجامع الفقهية و الفقهاء المعاصرين بما يسمى “المرابحة المصرفية” أو ” المرابحة للآمر بالشراء” وهي معاملة مُنظمة لها ترتيب خاص، وقيدها بالمصرفية أو بالآمر بالشراء هو تمييز لها عن “المرابحة الفقهية” البسيطة المعروفة في كتب الفقهاء قديماً.

والفروق بين “المرابحة الفقهية” و “المرابحة المصرفية” يمكن تلخيصها في ما يلي:

“المرابحة الفقهية” البسيطة، فأطرافها اثنان تاجر ومشتري، هي عبارة عن بيع من بيوع الإمانة التي يجب على التاجر (البائع) أن يبين للمشتري ثمن السلعة أو كلفتها عليه، ويبيعها للمشتري بربح معلوم ينص عليه البائع للمشتري، وذهب الجمهور لجوازها مستدلين بالأدلة العامة لحِل البيع، و أن الأصل في البيوع الإبحاة ما لم يرد دليل التحريم.

أما “المرابحة المصرفية” أو ما يعرف “بالمرابحة للأمر بالشراء” التي تطبقها المصارف الإسلامية، فأطرافها ثلاثة: تاجر بائع للسلعة، ووسيط يمتلك المال النقدي (مثل البنك، أو تاجر الأدوات الصحية في كما في سؤالك)، وثالثهما مشتري لا يملك المال نقداً لشراء السلعة، وبمراعاة ترتيب خاص ينتج عن المعاملة أن يتملك المشتري السلعة، و يقسط ثمنها على الوسيط، بأقساط هي أكبر من ثمن السلعة عند التاجر، وسياتي بيان هذا الترتيب وهو مرحلتان: مرحلة الوعد، ومرحلة بيع المرابحة.

أما بخصوص الحكم الشرعي، فقد قال جماعة من أهل العلم بعدم جواز “المرابحة المصرفية” مطلقاً، وتنوعت تعليلاتهم، فمنعها المالكية (سداً لذريعة الربا)، وقال بعض أهل العلم أن المنع هو ظاهر قول ابن تيمية رحمه الله، (وفي ذلك نظر وسأبين لك أن ظاهر قوله الجواز وليس المنع)، ورجح المنع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، واشترط الشيخ ابن عثيمين لصحة هذه المعاملة بأن يكون البنك تاجراً لديه السلع مملوكة له قبل طلب المشتري، فإن اشترى السلعة بناء على رغبة المشتري فإن ذلك حيلة على الربا، ومن القائلين بكونها حيلة على الربا من المعاصرين الشيخ محمد بن محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ أبي المعز محمد علي فركوس، حفظهم الله، وذهب بعض أهل العلم لعدم الجواز لعدم التزام البنوك بالتطبيق الصحيح.

أما عند القائلين بجواز “المرابحة المصرفية”، يتوقف صحة هذه المعاملة أو فسادها على ترتيب خاص، و بالجملة فإن هذا الترتيب يجري في الواقع العملي على صورتين:

الصورة الأولى: صورة المواعدة المُلزمة بين البنك والعميل قبل إجراء المرابحة.

 يوقع كل من البنك والعميل على مواعدة ملزمة من الطرفين بأن يشتري البنك السلعة و أن يبتاعها منه العميل بعد ذلك على أقساط.

وهذا البيع بهذه الصورة منعه الفقهاء المتقدمون كالحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، ورجح المنع جمع من العلماء المعاصرين منهم سماحة الشيخ ابن باز، والدكتور محمَّد الأشقر، والدكتور الصديق الضرير، والشيخ بكر أبو زيد، والشيخ سليمان بن تركي التركي، والدكتور رفيق بن يونس المصري وغيرهم، وأفتت بالتحريم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية، وحرم مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي المواعدة الملزمة للطرفين، لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكًا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي – صلى الله عليه وسلم – عن بيع الإنسان ما ليس عنده.

الصورة الثانية: صورة المواعدة غير المُلزمة بين البنك والعميل قبل إجراء المرابحة.

وهذا البيع بهذه الصورة هو مذهب الحنفية، ومذهب الشافعية، ومذهب الحنابلة. وهذا ما تطبقه شركة الراجحي المصرفية، وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي، والمعيار الثامن من هيئة المراجعة و المحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية.

و دليلهم أن البيع صحيح بشروطه، بعد تملك البنك للسلعة، وفصل ضمان البائع الأصلي والبنك، وعدم المواعدة الملزمة على السلعة بين البنك والعميل، وزادت هيئة المراجعة و المحاسبة تقييدات من أهمها: أن لا يكون هناك أي ارتباط تعاقددي على السلعة بين عميل البنك وبائع السلع، واشترطوا أن لا يجوز للبنك أخذ عمولة ارتباط على هذه المواعدة، ولا أن يضمن عميل البنك مخاطر تلف السلعة قبل شرائها، وأن لا يجوز توكيل عميل البنك بالشراء نيابة عن البنك، ومن ثَّم يقوم البنك بشراء السلعة و تملكها تملكاً تاماً بقبضها القبض الشرعي المعتبر، حقيقة  أو حكماً، وحيازتها إن كانت مما يحاز حقيقة، مع مراعاة فصل ضمان بائع السلعة، و ضمان البنك، بأن يتخلل بينهما مدة زمنية، ثم بعد ذلك يبيع البنك السلعة على عميل البنك (الآمر بالشراء) بيع “مرابحة فقهية” كما تقدم بشروطها…، ويتم البيع على أقساط، فيذكر البنك لعميله السعر الذي اشترى به السلعة مضافاً إليه ربح معلوم (هو ربح البنك في السلعة و حق الأجل من الثمن).

وصورة المرابحة للأمر بالشراء، مع منع المواعدة الملزمة للطرفين، قد ذكرها الشافعي رحمه الله تعالى في معرض كلامة على العينة، فقال في الأم (3\39):

“…وَإِذَا أَرَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ السِّلْعَةَ فَقَالَ اشْتَرِ هَذِهِ وَأُرْبِحْك فِيهَا كَذَا فَاشْتَرَاهَا الرَّجُلُ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ وَاَلَّذِي قَالَ أُرْبِحْك فِيهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَحْدَثَ فِيهَا بَيْعًا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَهَكَذَا إنْ قَالَ اشْتَرِ لِي مَتَاعًا وَوَصَفَهُ لَهُ أَوْ مَتَاعًا أَيَّ مَتَاعٍ شِئْت وَأَنَا أُرْبِحْك فِيهِ فَكُلُّ هَذَا سَوَاءٌ يَجُوزُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَيَكُونُ هَذَا فِيمَا أَعْطَى مِنْ نَفْسِهِ بِالْخِيَارِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا مَا وَصَفْتُ إنْ كَانَ قَالَ أَبْتَاعُهُ وَأَشْتَرِيهِ مِنْك بِنَقْدٍ أَوْ دَيْنٍ يَجُوزُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَيَكُونَانِ بِالْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ الْآخَرِ، فَإِنْ جَدَّدَاهُ جَازَ، وَإِنْ تَبَايَعَا بِهِ عَلَى أَنْ أَلْزَمَا أَنْفُسَهُمَا الْأَمْرَ الْأَوَّلَ فَهُوَ مَفْسُوخٌ مِنْ قِبَلِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ تَبَايَعَاهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ الْبَائِعُ وَالثَّانِي أَنَّهُ عَلَى مُخَاطَرَةِ أَنَّك إنْ اشْتَرَيْتَهُ عَلَى كَذَا أُرْبِحْك فِيهِ كَذَا”

كذلك قد ذكر ابن القيم رحمه الله المرابحة للأمر بالشراء ضمن الحيل المشروعة، وكلامه واضح في عدم وجود مواعدة ملزمة بقرينة التحرز بالخيار، قال في إعلام الموقعين (4\23):

“الْمِثَالُ الْمُوَفِّي الْمِائَةَ: رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: ” اشْتَرِ هَذِهِ الدَّارَ – أَوْ هَذِهِ السِّلْعَةَ مِنْ فُلَانٍ – بِكَذَا وَكَذَا، وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا كَذَا وَكَذَا ” فَخَافَ إنْ اشْتَرَاهَا أَنْ يَبْدُوَ لِلْآمِرِ فَلَا يُرِيدُهَا، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ يَقُولَ لِلْآمِرِ: قَدْ اشْتَرَيْتهَا بِمَا ذَكَرْت، فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ، وَإِلَّا تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْخِيَارِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهَا الْآمِرُ إلَّا بِالْخِيَارِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُ خِيَارًا أَوْ نَقَصَ مِنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا هُوَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِيَتَّسِعَ لَهُ زَمَنُ الرَّدِّ إنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ.”

ولقد وقفت على فتوى في البيع بفائدةٍ إلى أجل”، لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى، نقلتها من كتاب، “جامع المسائل – المجموعة الأولى”، تحقيق: محمد عزير شمس، إشراف: الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، رحمه الله تعالى، نشرة: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع – مكة،الطبعة: الأولى، 1422 هـ، صفحة 221. قال رحمه الله:

” كذلك إذا اتفقا على أنه يشتري سلعةً من غيره بثمنٍ حالٍ، ثم يبيعه إياها إلى أجلٍ بأكثر من ذلك الثمن، ثم إن المشتري يعيدها إلى صاحب الحانوت، فهذه الحيلة الثلاثية ، ومتى درى صاحب الحانوت بقصدهما كان شريكهما في الربا . وأما اشتراط الربح قبل أن يشتري البضاعة في مثل هذا، فلأن مقصودهما دراهم بدراهم إلى أجل. وأما إذا كان المشتري يشتري السلعة لينتفع بها أو يتّجر فيها، لا ليبيعها في الحال ويأخذ ثمنها، فهذا جائز، والربح عليه إن كان مضطرًا إليها يكون بالمعروف”

وظاهر كلام شيخ الإسلام هنا هو جواز صورة المرابحة للأمر بالشراء من غير مواعدة ملزمة، “إذا كان المشتري يشتري السلعة لينتفع بها أو يتّجر فيها، لا ليبيعها في الحال ويأخذ ثمنها” أما إن كانت السلعة غير مقصودة و كان مقصودهما النقد فهو من الربا كما تقدم، وتقييد الجواز بعدم المواعدة الملزمة مفهوم من منعه اشتراط الربح مسبقاً وهو من لوازم المواعدة. وانظر شرحي وتعليقي على هذه الفتوى على هذا الرابط بعنوان :تعليقةٌ على فتوى في البيع بفائدةٍ إلى أجل


وبعد عرض المسالة عليك، أجيبك على السؤال:

أطراف المعاملة ثلاثة:

تاجر الأدوات الصحية، وتاجر البطاريات، والأخ الراغب في البطارية والذي لا يملك ثمنها نقداً.

أولاً: ينبغي أن لا يكون هناك ترتيب أو اتفاق مسبق بين الأخ الراغب في شراء البطارية وبين تاجر البطاريات على أن يعيد له البطارية ويأخذ بدلاً منها نقوداً، فهي حيلة على الربا وهي أشد حرمة من الربا الصريح، و ينبغي أن تكون نية الأخ الراغب في البطارية ان يستخدمها ويستهلكها، فإن بدا له بعد ذلك ان يبيعها لأي سبب فلا بأس، والله عليم خبير مطلع على النوايا.

ثانياً: يذهب الأخ الراغب في شراء البطارية لتاجر الأدوات الصحية ويتفقا اتفاقاً غير ملزم لكل منهما، وهو وعد غير ملزم بالشراء من الأخ الراغب في شراء البطارية بأن الأخ تاجر الأدوات الصحية إن اشترى البطارية بالمواصافات المتفق عليها، فإن الأخ الراغب في البطارية سيشتريها منه بثمن كذا (محدد) على أقساط عددها كذا (محددة الموعد) وقيمة كل قسط.

ثالثاً: يجوز أن يأخذ تاجر الأدوات الصحية من الأخ الراغب في شراء البطارية مبلغ من المال على سبيل “هامش الجدية” وهو ليس عربوناً، وانظر الفرق بينهما في الهامش أدناه، وهذا الهامش يكون مع تاجر الادوات الصحية على سبيل الأمانة، ويتم إرجاعه كاملاً للأخ الراغب في شراء البطارية في حالة عدم اتمام الصفقة، ويجوز خصم هذا المبلغ من الأقساط إذا تمت الصفقة.

رابعاً: يذهب تاجر الأدوات الصحية لتاجر البطاريات ويشتري منه البطارية، ويشترط عليه خيار الرد في مدة ثلاثة ايام مثلاً، فإذا غير الأخ الراغب في شراء البطارية رأيه أو عدل عن الشراء، فيمكن إرجاع البطارية لتاجر البطاريات، وينبغي أن يأخذ تاجر الأدوات الصحية من تاجر البطاريات ورقة ضمان البطارية ضد التلف ويحتفظ بها.

فإن رفض تاجر البطاريات استرجاع البطارية واضطر تاجر الأدوات الصحية إلى بيعها في السوق بسعر أقل مما اشتراها به، فإنه يمكنه أخذ هذا الفرق الفعلي من هامش الجدية المذكور في ثالثاً، ويرد باقي الهامش للأخ الذي كان راغباً في شراء البطارية، ولا يأخذ تاجر الادوات الصحية أكثر من فرق السعر الفعلي لجبر ضرره.

خامساً: ينبغي أن يقوم تاجر الأدوات الصحية بشراء البطارية بنفسه ويتملكها ملكاً تاماً، ويحوزها إلى دكانه، ثم يبيعها بالأقساط على الأخ الراغب في شراء البطارية بالسعر الذي اتفقا عليه.

سادساً: لا تدخل هذه الصفقة بهذا الترتيب في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لا يملك، فإن تاجر الأدوات الصحية قد تملك السلعة أولاً ثم باعها بيعاً بالأقساط، ولقد اشترطت أن يكون المبلغ المأخوذ هامش جدية وليس عربوناً لهذا السبب، وكذلك اشترطت أن يشتري السلعة ويحوزها حتى يكون الملك حقيقي، ويكون تاجر الأدوات الصحية بائعاً لما عنده حقيقةً.

وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.

هاني حلمي


الهامش:

هناك فروقاً بين العربون وهامش الضمان والجدية، ومن تلك الفروق:

(1) أن العربون جزء من الثمن، فإن تمت الصفقة أكمل المشتري الثمن، و إن لم تتم الصفقة أخذ البائع العربون، بينما هامش الجدية و الضمان فهو يغطي كامل الثمن أو (الإيجار) في حال نكول المشري أو (المستأجر) عن البيع، فهامش الضمان و الجدية هو إما لجبر الضرر الفعلي المترتب على البائع نتيجة نكول المشتري، أو لاستيفاء كامل الثمن.

(2) يستحق البائع مقابل الضرر الفعلي أو الثمن المتفق عليه فقط و يخصم من هامش الضمان و الجدية، و إن تبقى شيء بعد ذلك فهو للمشتري، أما العربون فيستحقه البائع بالكامل.

(3) العربون يكون بعد إبرام العقد، أما هامش الضمان و الجدية يكون قبل إبرام العقد.

(4) هامش الجدية أمانة عند البائع لعدم وجود العقد، أما العربون فهو جزء من الثمن فيدخل في ملك البائع.

(5) زكاة هامش الضمان و الجدية تكون على المشتري لأنه يملك هذا المبلغ، و إنما هو أمانة عند البائع أو وكيله و هم لا يملكوه، و شرط الزكاة الملك كما هو معلوم ، وإذا مر على هامش الضمان و الجدية سنوات فإنه يُزكى لسنة واحدة إذا أعيد لصاحبه، أما العربون فزكاته تكون على البائع لأن العربون قد دخل في ملكه، سواء فسخ المشتري العقد أو أمضاه. و انظر قرار رقم (143) من مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي بشأن زكاة الحسابات المقيدة…

فكرة واحدة على ”سؤال عن المرابحة للأمر بالشراء وبيع التقسيط والعربون…!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s