الخيار الرابع…!

كنتُ أنظف أرشيف صوري وأحذف الصور التي تأتي من كل حدب وصوب، فاستوقفتني هذه الصورة، وكان قد أرسلها لي أحد الأصدقاء ليعرف ردي عليها…

49237444_10155724255361577_4761951883138957312_n

وكان ينبغي على صانع هذه الصورة أن يرجع لأهل العلم ويسأل عن معنى الحديث ويتهم فهمه قبل أن يُلقي التهمة على الله ورسوله وما رواه البخاري! هذا إن كان غرضه العلم والبيان، أما إن كان غرضه الاستهزاء فهذا شأن أخر…

وسبب خطأ صاحب هذه المقالة، أنه لا يعلم معنى الفلاح في ألفاظ الكتاب والسُنة، وظن أن معنى الفلاح هو التقدم المادي أو الرخاء الاقتصادي!

وكأن المؤذن يردد عليه ليل نهار “حي على الفلاح…حي على الفلاح” فيفهم المسكين أنه يدعوه للتقدم المادي والرخاء الاقتصادي!

الفلاح في لفظ الكتاب والسنة هو الإيمان بالله ورسوله وما يتبعهما من خير الدنيا والأخرة، فكل خير في الدنيا ما لم يكن تبعاً للإسلام فهو وبالٌ على صاحبه، يسارعُ له في الخيرات ثم ليس له في الأخرة من نصيب، و هذا هو الخسران المبين وهو ضد الفلاح من كل وجه!

فتأملوا كيف تعمى البصائر، ويطيش الرأي!

و لا يشك مسلم أن ألمانيا غير فالحة، الفلاح الذي يريده الله ورسوله، وهو الإسلام.

وأما الرخاء الاقتصادي وخلافه، فهذا مما يداوله الله بين الناس، وهؤلاء قد أخذوا بالأسباب المادية فوهبهم الله ما يشاء لمن يريد.

قال تعالى:

{مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19) كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)} [الإسراء]

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

” لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ”

فالدنيا التي في أيدي الكفار ليست دليلاً على كرامتهم عند الله، فالدنيا مع الكفر لا تساوي شيئاً.

وقبل ذلك قد أخزى الله الألمان ببغيهم في الأرض، ومن نظر في أخر مائة عام من التاريخ، علم أن الله قد أذاقهم لباس الجوع والخوف…ما أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حتى استباح الحلفاء نساء الألمان في أحدى أكبر عمليات الاغتصاب المُمنهج التي عُرفت في التاريخ…

إن من أسباب مثل هذه الشُبهات التي تظهر كل حين= الهزيمة النفسية المصاحبة للجهل بدين الإسلام العظيم عند كثير من المسلمين، خاصة الجهل بسنن الله الكونية في خلقه وأمره، وكيف هي سُننه في أعدائه وأولياءه، وكيف أهلك الله من كان أشد قوة، وكيف يمحصُ الله المسلمين في أزمنة ضعفهم، ويبتليهم بإدالة عدوهم عليهم لعلّهم يرجعون إلى دينهم،… وجعل بعضهم لبعض فتنة…ليظهر المؤمن من الكافر ويبتلى الناس بالسراء والضراء، ويحصي اعمالهم ثم يوفيهم إياها…وكل ذلك مفصلٌ مبسوط في كتاب الله وسُنة رسوله.

وكذلك من أسباب هذه الشُبهات الجهل بمستقبل الإسلام وما أخبر به الصادق المصدوق من أن العاقبة للإسلام في أحاديث كثيرة، تبياناً لقوله تعالى {وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} فلا يبقى للباطل مقالة ولا رياسة ولا كلمة.

وهذا الجهل مما كسبته أيدي كثير من المسلمين، نتيجة ترك الأخذ بنصيب من ميراث النبوة، والإعراض عن التماس نور الرسالة واللهث وراء الدنيا والشهوات…

وكذلك الإصغاء للشُبهات التي تولى كبرها إخوان الشياطين ممن ينتسب للإسلام ظاهراً، من الذين يعيثون في المسلمين الفساد، تارة باسم الدين والوسطية والسماحة، وتارة باسم الأدب والرواية والإبداع، وكلهم زنادقة قد بدت البغضاء من أفواههم وما تُخفي صدورهم أكبر.

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هاني

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s