بين الحجاب وغطاء الرأس…!

أطلعتنا الأنباء والصور على بعض مظاهر التعاطف مع قتلى المسلمين في نيوزيلند، ومن ذلك وضع بعضهن غطاءً على رؤسهن يغطي شيئاً من شعورهن، إشارة لزي المسلمات، وقالت رئيسة وزراء نيوزيلند:

“I hope that seeing thousands of New Zealanders wearing headscarves will will show them how deeply we value and respect their courage…”

الشاهد أنها قالت: headscarves ، ونقلت وكالات الأنباء الغربية الخبر ووصفت النساء بارتداء “غطاءً الرأس”… أما إعلامنا العربي الضال المُضل قد نقل نفس الخبر، ولكن بصيغة ارتدائهن “الحجاب”!

ولا يخفى ما في ذلك من ترسيخ في الأذهان لصورة الكاسيات العاريات الجُدد اللاتي يرتدين بناطيل الجينز الضيقة، ويغطين بعضاً من شعورهن، ثم يدّعين أنهن محجبات! هذه صورة الحجاب التي يسوق لها الإعلام العربي التعيس، بأخباره وبرامجه مسلسلاته وأفلامه وشيوخه…

والحجاب، كما لا يخفى على مسلم، من الكلمات الإسلامية ذات الدلالة الشرعية على فريضة تشتمل على معنيين رئيسيين:

– تغطية المرأة كامل جسدها بما لا يصف ولا يشف ولا يكون فتنة في ذاته، على تفصيل في الوجه والكفين.
– احتجاب المرأة عن مخالطة الرجال إلا للضرورة، وبالضوابط الشرعية، كوجود المحرم، وعدم الخضوع بالقول.

والشيء بالشيء يُذكر فإن ظاهرة انتشار بنطال النساء الضيق – في مصر خاصة – هي مما يضيق بها الصدر!

أنا لا أقيم في مصر، و أزور القاهرة كل حين لأرى أهلي، حال كل مغترب، وعين الغريب ترى ما لا تراه عين المُقيم، فإن للتغيير في عيني وقعٌ لا يشعر به المقيم، إذ أن المقيم يمر التغيير عليه مروراً بطيئاً حتى يألفه مع تعاقب الليل والنهار، أما الغريب فترى عينيه الاختلاف دفعة واحدة، وهذا حالى مع تلك الظاهرة المشئومة.

فإنك إن خالطت الناس وسرت في الشوراع ترى من النساء عجباً، تغطي المرأة شيئاً من شعرها، وتُظهر رقبتها ومهوى القرط منها، ثم باقي لباسها كلباس الكاسيات العاريات لا فرق بينهما البتة! خاصة ذلك البنطال الضيق الذي لا يستر منها إلا لون الجلد!

وأحسنهن طريقة تسدلُ على عجزها شيئاً من الثياب، يستر تارة ويكشف تارة!

فترى تلك المسوخ الغريبة المذبذبة التي لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ولا استسيغ كيف يتقبّلن أنفسهن كذلك، في هذا التناقض الصريح، وكيف ساغ تسمية تلك المَسخ محجبة! وتعارف الناس على ذلك؟

ولا أشك طرفة عين أنهن يعلمن أنهن متبرجات سافرات كاشفات ما أمر الله بستره، إذ أن ذلك مقرر في فطرة بني أدم.

أذكر أنني لما كنت أدرس في جامعة القاهرة عام 2000 ، كنتُ لو أقبلت ناحيتي امرأة في بنطال، كانت تنتابني قشعريرة كأني رأيتها عارية، وعادة ما كن من يلبسنه حاسري رؤسهن متبرجات بزينة… ولم يكن ليتبادر لذهن إنس ولا جان حينها أن يسول الشيطان لهذه الكاسية العارية أن تغطي شيئاً من شعرها ثم تسمي نفسها محجبة!!

ثم بعد ثمانية عشر عاماً من تخرجي من الجامعة ألجأني زماني لأعود للجامعة لأستخرج بعض الأوراق، ولما دخلت الجامعة هالني ما رأيت! والله لم أكن أميز بين الذكر والأنثى من بعيد لأعلم أأغض بصري أم أطلقه! الكل يلبس بنطال ضيق! ولكن قد ذهبت مني تلك القشعريرة وحل محلها الاشمئزاز من تلك المسوخ التي استوت كاسية عارية، وذهبت منها الأنوثة بسترها وعفافها وجمالها… فإن الرجل السوي يشتهي النساء لما سُتر منهن، وخصته بها وحده، فإذا أسفرت عن ما تحت الغطاء لغيره أنف منها وعفتها نفسه!

إن من أسباب هذه الظاهرة الخبيثة مرضٌ قديم في العقل الإنساني، ألا وهو التقليد، وهو في النساء في ما يخص اللباس والزينة مرضٌ مزمن ليس له علاج إلا دينُ قويم يأخذ بحُجز صاحبته عن التقليد الأعمى، ورجلٌ غيور يغار أن تُرى عورة وليته بلا مهر ولا زواج.

لا تسألوا عن ما يحل بالمسلمين من المصائب تباعاً، ومن الذل عليهم اجتماعاً، قال تعالى {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى : 30]

فإن لله سنناً واضحات في خلقه وأمره، لا يمكن تفسير أحوال الناس والأمم إلا من خلالها، وهي المنظار الذي الذي ينبغي لمن أمن بالله ورسوله أن يرى من خلاله الكون من حوله.

أسأل الله أن يصلح حال المسلمين، فبصلاحهم ينصلح العالم، وإن فسدوا فيستبدل الله قوماً غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم، والله متم نوره وناصر دينه.

{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} [الرعد : 11]

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

هاني


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“إن من أشراط الساعة أن يظهر الشح والفحش، ويؤتمن الخائن، ويخون الأمين، ويظهر ثياب يلبسها نساء كاسيات عاريات” وانظر تخريجه في السلسلة الصحيحة (٣٢١١)…

وفي هذه الرواية التصريح بذكر الثياب، وأن الكاسيات العاريات هو وصف لهن بسبب الثياب التي عليهن، وهذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم والواقع خير شاهد على ذلك.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s