بيان افتراء دار الإفتاء المصرية الحالية بخصوص الفوائد البنكية…! (3)

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،،،

هذا المقال المختصر تابع لسلسلة مقالاتي الخاصة ببيان خطأ فتاوى دار الإفتاء المصرية الحالية بإجازة الفوائد البنكية؛ وتناول أدلتهم المزعومة ومناقشتها بشيء من التفصيل.

كيفية قراءة هذا المنشور: أن تنظر في رقم الفقرة في الصورة أدناه – من منشورات دار الإفتاء – ثم تنظر الرد عليها بنفس الرقم في هذا المقال…

دار الافتاء

قالوا: شهادات “الاستثمار”: وهذا من تسمية الشيء بغير اسمه؛ فالبنوك تتاجر بالمال بالربا ولا تستثمر المال بالتجارة؛ وقد شرحت هذه المسألة كثيراً بما يغني إعادتها هنا.

ولا يقال في شيء من الأحكام “حلال وجائز ولا شبهة فيه” ما لم يكن منصوصاً محكماً؛ فأقل الأحوال أن يقولوا “نرى جوازها” ؛ فكيف وهم مخالفون لجمهور المعاصرين! وكيف يقال “لا شبهة” مع أن سلفهم من كبار علماء الأزهر قالوا بحرمتها! هل كانوا مغفلين؟ وحرموا حلالاً لا شبهة فيه!

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة مؤتمره الثاني بجدة في ربيع الآخر 1406هـ/ديسمبر 1985م في قراره رقم 10 (10/2): بعد عرض أدلة التحريم والقائلين بها:

“…يضاف إلى كل ما سبق ذكره فتاوى العديد من الهيئات العلمية: كالمجامع الفقهية في البلدان الإسلامية، ولجان الفتوى، والندوات والمؤتمرات العلمية، وفتاوى أهل العلم والمختصين في شؤون الاقتصاد وأعمال البنوك في العالم الإسلامي كلها أكدت على هذا المعنى بحيث تشكل في مجموعها إجماعاً معاصراً لا تجوز مخالفته على تحريم فوائد البنوك.”

1- كلمة “عقد تمويل” لا يناط بها حكماً شرعياً؛ إنما الحكم الشرعي يتوجه إلى نوع التمويل؛ فهناك تمويل شرعي كعقود السلم والاستصناع والمرابحة؛ وهناك تمويل ربوي غير شرعي كعقود الربا والعقود الفاسدة.

2- التمويل ليس جديداً؛ هو معروف من أيام أرسطوا – وهو بالمناسبة يرى تجريم القرض بفائدة! – والحاجة للتمول ملازمة للبشر منذ ظهور النقود؛ ولم تخفى أحكام التمويل بنوعيها الشرعي وغير الشرعي على سلف الأمة وعلمائها؛ فدعوى أنها جديدة غير صحيحة.

3- الحكم على العقد أنه جديد هى دعوى يضحضها إمكان تنزيل عقد التمويل الجديد – بزعمهم- على عقد القرض المسمى في الفقة الإسلامي الموروث؛ فكل مال مضمون على قابضه ومشروط في رده الزيادة إلى أجل= هو قرض ربوي.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): “وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضةً من علف – كما قال ابن مسعود – أو حبة واحدة.”

4- الربا حاضر بنوعيه في فوائد البنوك؛ النوع الأول: ربا البيوع = ربا الفضل وربا النسيئة؛ لأن النقود لها أحكام الذهب والفضة بعلة جامعة وهي الثمنية؛ فالناس قد اتخذوا النقد أثماناً؛ يستحلون بها الفروج فتكون مهراً؛ ويعقلون بها دية المقتول فتكون عقلاً؛ ومن لم يرى أن نقود اليوم اثماناً ففي عقله شيء!

ولو سلمنا تنزلاً أن النقود ليست اثماناً؛ ولا يجري فيها ربا البيوع؛ فإنه يجري فيها النوع الثاني: ربا القروض.

والفرق بين ربا القروض وبين ربا البيوع: أن ربا البيوع يكون في الأموال الربوية خاصة، وهي الذهب، والفضة، والبر، والتمر، والشعير، والملح، المنصوص عليها في حديث أبي سعيد الخدري وعبادة بن الصامت، وألحق الفقهاء فيها ما شابهها في العلة؛ مثل الأوراق النقدية بجامع علة الثمنية مع الذهب والفضة.

فبيع جرام ذهب بجرام ونصف ذهب حالاً = هو ربا الفضل (لأن الذهب من الأموال الربوية فوجب التماثل)

وبيع جرام ذهب بجرام ذهب مثله إلى أجل = هو ربا النسيئة (لأن الذهب من الأموال الربوية فوجوب التقابض)

وأما ربا القروض والديون فيجري في الأموال الربوية وفي غيرها باتفاق الفقهاء؛ لا يختص بجنس مال معين، فكل زيادة مشروطة شرطاً أو عُرفاً من عين أو منفعة على القرض فهي ربا بصرف النظر عن جنس المال (هل هو من الأصناف الربوية أو من غيرها)

ومن المذهب الحنفي الذي ينتسبون إليه ؛ قال العيني رحمه الله: “أجمع المسلمون بالنقل عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن اشتراط الزيادة في السلف ربا حرام” والسلف هو القرض بلغة أهل الحجاز.

فالحاصل أنه حتى من يقول أن الأوراق النقدية لا يجرى فيها ربا البيوع لعدم مشابهتها الذهب والفضة؛ فلا يسعه أن يقول أنه لا يجري فيها ربا القروض! وهذا إلزام لا مفر منه.

والغرر حاضر في عقد الربا؛ ومن صوره أنك إن اقترضت مالاً بالربا من البنك لتمويل مشروعك؛ ثم خسرت المال في المشروع؛ فانت ملزم بسداد مبلغ القرض مع الزيادة رغم خسارتك! فأي غرر وظلم أعظم من ذلك! بعكس الشراكة التجارية القائمة على مشاركة المكسب والخسارة؛ والمعنى العام للغرر هو المجهول العاقبة؛ وهو حاضر في التمول بالربا.

ومن لايرى في الربا غرراً وضرراً على الفرد والمجتمع فقد فقد بصيرته؛ بل تجد كثير من مفكرين الكفار الذين رأوا فساد الربا وضرره على الاقتصاد؛ ولا يحضرني أسمائهم الأن – فأنا أكتب أثناء السفر بالطائرة.

5- تسمية الربا أرباحاً!

6- الغاية لا تبرر الوسيلة؛ فالغايات الصحيحة شرعاً يُسلك في تحصيلها وسائل صحيحة شرعاً.

7- نعم؛ نعرف قولكم الفاسد أن “حكم الحاكم يرفع الخلاف”؛ وتعنون بحكم الحاكم قانون البنوك!

وهكذا يُرفعُ العلم؛ ويحكم الجهل؛ وتضيع منار الشريعة وتُطمس معالم الحق؛ ويصير الإسلام غريباً كما بدأ.

هاني حلمي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s