عقد تمويل عقاري طبقاً لمبادرة البنك المركزي المصري متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية…!
سُئلت كثيراً عن مبادرات التمويل العقاري بمصر؛ وطالعت الكثير من العقود التي يرسلها الأخوة الكرام؛ وكان خلاصة قولي المُجمل فيها كما يلي:
إن كانت الدولة تمتلك الشقق ثم تبيعها على الناس بالتقسيط؛ من دون فوائد تأخير؛ فهذا بيع بالأجل وهو جائز بالإجماع بشروط البيع المعروفة.
أما إن كانت الدولة توسط بنكاً؛ يمول المشتري بفائدة – ولو قليلة-؛ ويكون البنك طرفاً ممولاً بفائدة في عقد البيع المسمى بالعقد الثلاثي؛ ثم إن تخلف المشتري عن السداد حجز البنك الشقة وباعها ليأخذ رأس ماله مع الفائدة وغرامات التأخير؛ فهذا من الربا والظلم.
أما إن اشترى البنكُ الشقةَ من الدولة ثم باعها لراغب الشراء على أقساط؛ مع أخذ الضمانات المشروعة كالرهن وغيره، فهذا جائز.
وقد طالعت مؤخراً عقد بيع بنظام المرابحة لتمويل شراء الشقق تحت مبادرة البنك المركزي؛ صادر عن بنك فيصل الإسلامي المصري؛ والظاهر لي من البنود أنه عقد مرابحة صحيح؛ يشتري فيه البنك الوحدة من الصندوق أو الدولة أو المالك ثم يبيعها للمشتري بالأقساط.
مع بعض الشروط التي تقيد التصرف في الوحدة إلا بإذن البنك؛ ولكن العقد ينقل الملكية صراحة؛ ولم أجد شروطاً فيها غرامات تأخير ربوية؛ والذي أراه أن العقد في الجملة صالح لا بأس به.
ولولا أن السائل الكريم لم يأذن بنشر صورة نموذج العقد لكنت أرفقته هنا.
وعلى كل حال ينبغي أن يتأكد المشتري أن البنك يشتري الوحدة على الحقيقة ثم يبيعها له بالأقساط؛ وليس الأمر عقداً صورياً ينص على شيء والواقع خلاف ذلك؛ فيصير تمويلاً بفائدة مثله مثل غيره.
كذلك ليتأكد المشتري أنه يعلم سعر الشقة الحاضر ونسبة الربح التي سيضعها البنك؛ والتي ينبغي أن تكون نسبة ثابتة؛ لأن بيع المرابحة من بيوع الأمانة التي يجب فيها على البنك بيان المبلغ الذي اشترى به وبيان الربح الذي سيربحه؛ والربح يجب أن يكون معلوماً لا يزيد ولا ينقص مع الزمن.
مع ملاحظة أن هذا المنشور ليس دعاية لبنك فيصل الإسلامي المصري؛ ولا زلت أقول بعدم جواز استثمار المال مع بنك فيصل الإسلامي المصري؛ إذ أن الظاهر من ميزانية البنك أن غالب عوائد الاستثمار هى من أذونات الخزانة والفوائد الربوية؛ كذلك من هيئة الفتوى بالبنك من لا يرى حرمة فوائد البنوك أصلاً…
ولكن البنوك الربوية وكذلك الإسلامية فيها معاملات جائزة ومعاملات غير جائزة؛ فيجوز معاملتهم بالمعاملات الجائزة للحاجة؛ ولا يجوز معاملتهم بالمعاملات غير الجائزة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل يهود المدينة بالمعاملات المالية الصحيحة شرعاً؛ مع أنهم كانوا يأكلون بينهم الربا ويستحلونه؛ فهذا من هذا والله أعلم؛
هاني