نقل قلب خنزير معدل وراثياً لإنسان…!

في شهر يناير من عام 2022 تم إجراء عملية نقل قلب خنزير معدل وراثياً لإنسان؛ تحت إشراف جامعة ميريلاند الطبية بالولايات المتحدة.

والتعديل الوراثي للخنزير هو بنزع ثلاثة جينات مسئولة عن رفض جسم الإنسان لقلب الخنزير؛ وكذلك نزع الجين المسئول عن تضخم أنسجة قلب الخنزير؛ وإضافة ست جينات مسئولة عن تقبل جسم الإنسان لقلب الخنزير؛ حسب ما فهمت من الخبر.

وكما بالخبر كان هذا هو الحل الأخير أو الموت؛ إذ أن حالة المريض لا تقبل نقل قلب إنسان أو قلباً صناعياً؛ هذا بخلاف عدم وجود متبرع لو كان جسمه يقبل قلب إنسان؛ مع وجود قوائم انتظار طويلة وحالة المريض الحرجة.

وقالوا في الخبر أن صمامات قلب الخنزير يتم نقلها لقلوب البشر منذ سنوات!

وقد سُئل الشيخ بن باز رحمه الله عن هذه المسألة؛ كما في فتاوى نور على الدرب:

“السؤال: رسالة باعثها أيضاً من اليمن أخ لنا من هناك يقول: جمال عبده أحمد صالح الشعبي ، أستاذ يمني في مدرسة الفوز أخونا يقول: هل يحاسب المرء الذي استبدل قلبه بقلب قرد، أو قلب صناعي على تصرف القلب الجديد، وما جزاء الطبيب الذي يستأصل القلوب، وما موقف الدين من الطبيب الذي ينزع القلب من حيوان بريء ويحكم عليه بالموت من دون ذنب؟

الجواب:

هذا محل نظر ولم يثبت عندنا حتى الآن أن أحداً عاش بقلب غيره واستقام له ذلك القلب، فلو فرضنا أنه عاش بذلك فإن القلب ينتقل إلى حال صاحبه الذي ركب فيه، بدلاً ما كان قلب حيوان آخر يكون تابعاً لمن ركب فيه؛ لأن المواد التي اتصلت بهذا القلب وصارت إليه وغذته هي مواد القلب الأول، فصار القلب الآن هو قلب المركب فيه، الإنسان الذي ركب فيه لا قلب الحيوان سواء قرداً أو كلباً أو غير ذلك، ويكون له الحكم الذي كان للقلب الأول؛ لأن المادة التي غذي بها القلب الأول تغذى بها هذا القلب الجديد من دم هذا الشخص فصار له حكم القلب الأول إذا عاش به واستقام به أمره.

أما كونه يذبح الحيوان ويأخذ منه هذا شيء آخر، فقد يقال: إن أخذه من حيوان يباح مثل أخذه من خروف أو من معزة أو من بقر أو من إبل، هذه حيوانات مباح ذبحها للمصلحة، فإذا أخذ منها قلباً وركبه في إنسان فلا بأس.

أما ذبح القرود أو الكلاب فهذا محل نظر، والأقرب والله أعلم أنه لا يجوز تعاطي ذلك، والأظهر أنه ما يجوز تعاطي ذلك، لكن لو وقع وفعل وعاش به الإنسان وانتفع به الإنسان، مثل لو ركب في عضو من حيوان آخر من كلب أو غيره وعاش به لا يزال ينفعه ويستقيم عليه، لكن كونه يتعمد أن يأخذ قلب قرد أو قلب كلب أو قلب بغل أو حمار من الحيوانات النجسة هذا محل نظر، وفي الإقدام عليه نظر، وقد يقال إنه يجوز؛ لأن الإنسان مقدم على هذه الحيوانات ومصلحته مراعاة فهو أولى بالعناية وأولى بتحقيق مصلحته إذا تحقق ذلك، وأنه ينتفع بقلب هذا الحيوان، وقد يقال: لا؛ لأن النجاسات لا يداوى بها، والنبي ﷺ قال: لا تداوى بحرام، وهذا نوع من التداوي بالحرام فيمنع.

فالمقصود أن أخذ قلب حيوان محرم كالكلب والقرد ونحو ذلك أو عضو من أعضائه للإنسان هذا هو محل النظر، بعض أهل العلم أجاز ذلك، وبعض أهل العلم لم يجز ذلك وهو محل نظر ومحل اجتهاد.نعم.

المقدم: والذي يذهب إليه الشيخ عبد العزيز بن باز ؟

الشيخ: والله عندي توقف في هذا في الحيوانات المحرمة، فيها نظر. نعم.

المقدم: فيها نظر، بارك الله فيكم إذاً القلب المزروع هو يتحول إلى المكان المزروع فيه؟

الشيخ: لو وقع، سواء قلنا بجوازه أو بعدم جوازه، لو وقع لا ينزع يستمر به ويكون له حكم القلب الأول ولا يضره كونه من حيوان ما يضره إذا عاش به واستقام عليه وعقل به الأمور، فالحمد لله. نعم.

المقدم: والأشياء التي هي في محل القلب الأول تنتقل إلى القلب الجديد كالحب والكراهية والإيمان؟

الشيخ: كله….؛ لأن المواد موجودة في الإنسان، مواد القلب الأول موجودة. نعم.” انتهى كلام الشيخ ابن باز رحمه الله.

قد سُئل الشيخ بن عثيمين رحمه الله عن العروق المأخوذة من الخنزير؛ كما في قاء الباب المفتوح [106]:

السؤال:

“هذا شخص أوصاني أن أسألكم هذا السؤال يقول: إن جراحي القلوب قد يضعون عرقاً أو شرياناً معدنياً وقد يضعون -أيضاً- شرياناً يأخذونه من الخنزير, مع أن الشريان الذي من المعدن قد يصيبه الصدى, والشريان الذي من الخنزير يكون أحسن، وقد يلتحم ويصير وكأنه من الإنسان نفسه. فما حكم ذلك؟

الجواب:

لا بأس به. أي: لا بأس أن يصل إنسان شريان قلبه بشريان حيوان آخر, وينظر إلى ما هو أنسب لقلبه؛ لأن هذا ليس من الأكل إنما حرم الله أكل الخنزير، وهذا ليس أكلاً, وإذا علمنا أنه لا ينفعه إلا هذا فهذا من باب الضرورة, وقد قال الله تعالى في أكل لحم الخنزير الأكل المباشر: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾[الأنعام:119].”

قلتُ (هاني):

سبحان الله الذي أنزل علينا شريعة سمحة فيها تقدير المصالح والمفاسد ووتقديم حفظ النفس على ما سواها من المحظورات؛ ومن الجدير بالتنبيه كيفية جواب الشيخ بن باز عن المسألة وتحريه الدقة وتوقفه عن ما لم يترجح لديه وعرضه لطرفي المسألة؛ وإتاحة الفسحة للنظر؛ رحمه الله تعالى.

أضف تعليق