الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها.

قال ابن القيم رحمه الله، في كتاب “إعلام الموقعين عن رب العالمين “:

“فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي:

عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها.

فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل.

فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلي الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها.

وهي نوره الذي أبصر المبصرون، وهداه الذي اهتدى به المهتدون، وشفاؤه التام الذي به دواء كل عليل، وطريقه المستقيم من استقام عليه فقد استقام على سواء السبيل.

فهي قرة العيون وحياة القلوب ولذة الأرواح. فهي بها الحياة والغذاء والدواء والنور والشفاء والعصمة.

وكل خير في الوجود فإنما هو مستفاد منها، وحاصل بها. وكل شر ونقص في الوجود فسببه إضاعتها. ولولا رسوم قد بقيت لخربت الدنيا وطوي العالم. وهي عصمة للناس وقوام للعالم، وبها يمسك الله السموات والأرض أن تزولا. فإذا أراد الله خراب الدنيا وطي العالم رفع إليه ما بقى من رسومها.

فالشريعة التي بعث الله بها رسوله هي قطب* العالم وقطب الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة “

*فائدة: قلتُ (هاني):

يحتمل أن كلمة ” قطب” الاولي غير ” قطب” الثانية، و ذلك في الجملة الأخيرة!

فالأولى: بمعنى عمود الرحى ، و هي الحديدة التي في وسط الرحي تدور حولها، و الشريعة بهذا المعنى هي قوام العالم و المانعة من خراب الدنيا.

و الثانية: من قولهم قُطْبُ السَّماء، ويقال إنَّه نجمٌ يدور عليه الفَلَك ، و منه فلانٌ قُطْبُ بني فلانٍ، أي سيِّدهم الذي يدور عليه أمرُهم.، و الشريعة بهذا المعنى هي التي يدور عليها الفلاح و السعادة في الدنيا و الآخرة.

و لا أستبعد أن ابن القيم أراد هذا التفريق ، فقد كان بليغاً دقيقاً في اختيار ألفاظه رحمه الله.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s