في ختام فتوى المجمع الفقهي الإسلامي رقم 2/10 بخصوص حكم التعامل المصرفي بالفوائد و حكم التعامل بالمصارف الإسلامية، تشجيع الحكومات على إنشاء المصارف الإسلامية ، بما نصه:
“… كي لا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه و مقتضيات عقيدته”
بينما في فتوى طنطاوي و مجمع البحوث الإسلامية المصري ، التي تبيح فوائد البنوك الربوية ، جاء في ختام الفتوى ، ما نصه:
” …هذه المعاملة فهي من قبيل المصالح المرسلة و ليست من العقائد و العبادات التي لا يجوز التغيير أو التبديل فيها”
هنا؛ قف و تأمل توظيف العقيدة ، بين من ينظر لأحكام المعاملات على أنها من مقتضيات العقيدة ، و بين من يهون من أمر المسألة لأنها ليست من مسائل العقيده!
و لهذه التفرقة و الاختلاف في التوظيف أصولاً كلامية متشعبة المسالك بين فريقين عظيمين من المسلمين ، فريق وضع النصوص نصب عينيه في العقيدة اولاً ، و بني عليها اعتقاده ثم سلك نفس المسلك مع باقي نصوص الشرع.
و فريق زاغ عن المسلك الأول ، و وضع عقله قبل نصوص العقيدة ، و تبني عقائد كلامية توارثوها هالك عن هالك ، ثم تم البناء العلمي على نفس المنوال! فظهرت آثار تلك العقائد في الفقه و السلوك ، بل في المعاملات!
سيظن بعضكم أنني أهذي بكلام غير مفهوم ، و لكن من يعلم وزن النصوص عند كلا الفريقين سيفهم مرادي من أن تكوين الشخصية العلمية جزء واحد لا يتبعض بين بناء الأصول و بناء الفروع ، و كلها ترجع إلى تعظيم نصوص الوحيين ، و من لم يستح من الله و سلك مسلك التأويل في العقائد ، فما يمنعه من ذلك في المعاملات! بقصد أم بغير قصد! و الله من وراء القصد.
إن كان في إمكان الفريق الثاني التصرف بالتاويل و التعطيل و التحريف لنصوص علو الله و استوائه و نزوله و جملة من صفاته ، فما المانع من تغلغل نفس المنهج في باقي النصوص!
الآن أدعوك أن تجلس أمام التلفاز ، و تختار برنامجاً لأحد أفراد الفريق الثاني، و استحلفك بالله أن تعد عليه في ساعة واحدة، بكم نص يستشهد و يجيب ، كم أية، كم حديث، كم إثر صحيح!
بينما الفريق الأول ، قرة عينه النصوص ، حاضرة في خطابه لا تخلوا ثلاث جُمل من نص! يبدأ بالنص أو ينتهي إليه!
و السلام.
هاني حلمي