النفوس تواقةٌ للمحاكة و التقليد ، و العين تنظر و القلب يشتهي، و الجوارج تعمل بأمر القلب.
و الذي تعرضه تلك الصناعة على الناس هو زهرة الحياة الدنيا: نساء مزوقة ملفقه مبهرجة، و بيوت فارهة، و حياة باذخة بالشهوات و الملذات الحسية، و كل المعاني التى تدور حول تلك الصور تدور في فلك السعي في تحصيل شهوات الحواس من عشق محرم، و سلطة مفرطة، و سرقة كبيرة،…، و ما إلي ذلك من تزييف الحقائق و تحريف التاريخ.
و المشاهد المسكين:
إما فقيرٌ حسير يتألم و يشتهي و يتمنى، و لو لم يكن له دينٌ يأخذ بحُجزه، فسيسخط أقدار الله، و سيلعن حاله و سيعيش في تعاسة و نكد، وهؤلاء هم وقود الثورات.
و إما شابٌ تغلى نيران الشهوة في أوصاله، يرى الأثارة ماثلةٌ بين عينيه، وليس له إلا النظر و الحسرة.
و إما فتاةٌ تراقب سوق النساء فتزدري نفسها بينهن فتزيد من تبرجها لينفق سوق بضاعتها في العمل و الزواج.
و كلُ مشاهد يصبو للنموذج الذي يشتهيه ، و قليلٌ من يسلم من التلوث.
و القائمون على تلك الصناعات من ممثلين و مغنين و مقدمين و مؤخرين… تغلب عليهم سمة التفسخ الأخلاقي و الإنحراف عن صراط الله، و فيهم إلحادٌ لا يعرفه إلا من عرف التوحيد، و هذا أمرٌ مشاهد لا أدعيه.
أما الفساد الفكري لهذه الصناعة فهو السمُ المدسوس في كأس الشهوات، و الترويج للأفكار الشيطانية الملعونة و تسفيه ما جاءت به رُسل الله من علوم و معارف.
فهم يخلطون الوطنية بالثورية ، و العدالة بالمساواه، و الحرية بالإباحية، و الحب بالزنا، و الجمال بالعري،…، إلى أخر هذا التخليط بين الحق و الباطل، و يفعلون ذلك بكل الحب و التفاني، و هو حبٌ مُهلك، مكانه عند قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُون}َ [النور : 19]
و الحل:
الحل المبدئي في يد المشاهد، الذي يجب أن يتولى هو الزمام، فلا يترك نفسه للشاشات تعرض عليه ما تُريد، بل هو الذي يضع على الشاشة ما يريد، و هذا سهل ميسور بفضل الله.
و لقد حذر الله عز و جل رسوله صلى الله عليه و سلم، و أدبه و أرشده لهذا المعنى، فقال تعالى له و لسائر أمته من بعده:
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [طه : 131]
و الله الهادي المُوفق،
هاني حلمي