من فتاوى الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
“… الحطُ من قدر ولاة الأمور من العلماء أو الأمراء في أعين الناس له ضرر كبير؛ لأن قدر ولاة الأمور إذا سقط من أعين الناس تمرد الناس على ولي الأمر ولم يروا لأمره قيمة، وصاروا يرونه كسائر الناس.
و إذا انحط قدر العلماء في أعين الناس لم يكن لما يقولونه للناس من شريعة الله قيمة، ولم يثق الناس بأقوالهم، ونبذت الشريعة من هذا الجسر؛ لأن قدرهم هُوِّن في أعين الناس، فصار الناس لا يبالون بهم، ولا يأخذون بأقوالهم، ويذهبون يأخذون من فلان وفلان ممن هو دونهم في فقه شريعة الله -عز وجل- فهذه الأمور لا ينبغي لنا أن ننظر إلى ظاهرها وسطحها؛ لأن لها غوراً بعيداً عميقاً…”
قلتُ (هاني):
هذا الفهم لا تكاد تراه عند أحد ، إلا من عصم الله ، و قليل ما هم. ويحضُرني قول أبي حاتم البُستي: ” من استحقر السلطان أفسد دنياه”
على ولي الأمر ما حُمل و علينا ما حُملنا، أما التحزب و التفرق على ولاة الأمور و العلماء، فهو كما قال الشاطبي رحمه الله، في الموافقات: “… ومِنْ طِمَاحِ النفوسِ إلى ما لم تُكَلَّفْ به نَشَأَتِ الفِرَقُ كُلُّها أو أكثرُها”
سيحاسبُ الله الحاكم على ما فرط فيه مما أمره الله به، و سيحاسب الله المحكوم على ما فرط فيه مما أمره الله به، فعلى كل منا أن يعلم ما امره الله به على وجه التفصيل ، و يعمل بمقتضى ذلك.
فأمرُنا الحاكم بالمعروف و نهيه عن المنكر مقيدٌ بامكانية الوصول اليه، فان قبل و إلا فقد أدي ما عليه، و أن يكون الناصحُ عالماً بما ينصح ، حكيماً في دعوته ، يسلك فيها هدي النبي صلى الله عليه و سلم و سنن الصالحين.
و لا يعني ذلك أن يحب المرء ما يأتيه الحاكم من معصية الله، بل يبغض المعصية بقلبه، ثم ينظر ما يمكن أن يعمل بلسانه و يده و لكن في حدود ما أمر الله عز و جل.
فلا يسب و لا يلعن و لا يكسر و لا يتظاهر و لا يثور و لا يتحزب، بل يظبط افعاله كلها بظابط الشرع.
و ليصبر على الاذي كما صبر الصالحون من قبله، فأن الصبر نصف الإيمان.
و الله المستعان،
هاني حلمي