كلماتٌ في الرزق…!

الرزق مقسوم مكتوب مقدر، قد رفعت الأقلام وجفت الصحف.

والرزق أجناس وأنواع، أعلاها وأرفعها قدراً ومآلاً = رزق العلم النافع والعمل الصالح، ومنْ رُزقهما فقد أراد الله به خيراً، ويسر له السبيل لرزق لا ينقطع، ورضوان من الله أكبر، في جنات عدن التي وعد بها المتقون.

ومن حُرم العلم النافع والعمل الصالح فهو محروم، ولو أوتي خزائن الأرض، فإنها تزول، وتبقى الباقيات الصالحات هنّ المُنجيات.

ومع أن أمر الرزق قد فُرغ منه، و لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، إلا أن الله قد أخفى على الناس مقادير أرزاقهم ومواقيت حصولها لهم، وذلك حتى تكون النفوس معلقة بخالقها و رازقها، تتضرع إليه وتسأله من فضله.

وسؤال الله الرزقَ وجمع القلب على الله وحده، مع الأخذ بالأسباب، دون ركون القلب إليها، هو من كمال التوحيد.

وقد يقوم في قلب المتوكل على الله حق توكله، السائل الرزق، من مقامات العبودية، كالمحبة والإنابة والرجاء والاستعانة والتعظيم لله، ما يأتي معه من رزق القلوب وقوتها ما إذا قورن بالرزق المسؤول لفاقه من كل وجه!

كالذي يسأل الله شربة ماء فيرزقه الله نهراً في الجنة، بسبب ما قام في قلبه من الإخلاص والتوحيد من جراء سؤال هذه الشَربة!

لذلك قد يكون الفقر والحاجة والمصائب من أسباب الغنى الذي لا ينقطع والنعيم الذي لا ينفد، إذا ما وافقوا نفساً موفقة مؤمنة مطمئنة، ولله الحكمة البالغة.

روى الترمذي رحمه الله تعالى عَنْ جَابِر رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

” يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ “.

وفي ذلك أعظم تسلية لمن ابتلي فصبر، ومع ذلك لا ينبغي للمسلم أن يتعرض للبلاء ولا أن يسأله، فهو لا يعلم أيصبر أم الأخرى، إنما ينبغي سؤال الله العافية في الدنيا والأخرة.

روى الترمذي رحمه الله كذلك وصححه عن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ :” سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ “، فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِئْتُ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ، فَقَالَ لِي: ” يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ، سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ “

وعند أحمد رحمه الله تعالى في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَامٍ، فَقَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أَوَّلَ، فَقَالَ : ” إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الْعَافِيَةِ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ وَالْبِرِّ ؛ فَإِنَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ وَالْفُجُورَ ؛ فَإِنَّهُمَا فِي النَّارِ “.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والأخرة.

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هاني

فكرة واحدة على ”كلماتٌ في الرزق…!

  1. تعقيب: كلماتٌ في الرزق…! — هاني حلمي – ABDALA ASMART

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s