مختارات من شعر أوس بن حجر…!

أوس بن حجر بن مالك التميمي، أبو شريح. شاعر تميم في الجاهلية، أو من كبار شعرائها، أبوه حجر زوج أم زهير بن أبي سلمى، كان كثير الأسفار، وأكثر إقامته عند عمرو بن هند في الحيرة، عمّر طويلاً ولم يدرك الإسلام. في شعره حكمة ورقّة، وكانت تميم تقدمه على سائر الشعراء العرب، وكان غزلاً مغرماً بالنساء. عدَّه ابن سلام في الطبقة الثانية من شعراء الجاهلية. وذكر الأصفهاني في الأغاني أنه: «من الطبقة الثالثة، وقرنه بالحطيئة نابغة بني جعدة».

وهذه مختارات انتقيتها من عيون شعره:

لا تُـظــهِـرَن ذَمَّ اِمرِئٍ قَبـلَ خُبـرِهِ
وَبَعـدَ بَلاءِ المَرءِ فَاِذمُم أَوِ اِحمَدِ


هَبَّت تَلومُ وَلَيسَـت ساعَـةَ اللاحي
هَلّا اِنتَـظَـرتِ بِهَذا اللَومِ إِصباحي

قاتَـلَهـا اللَهُ تَلحـانــي وَقَد عَلِمَت
أَنّي لِنَفسِيَ إِفسـادي وَإِصلاحي


وَبِاللاتِ وَالعُزّى وَمَن دانَ دَينَها
وَبِـاللَهِ إِنَّ اللَهَ مِـنـهُـنَّ أَكبَـرُ

قلتُ: وهو شاهد لقوله تعالى:

{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63)} [العنكبوت : 61-63]

فإن المشركين في الجاهلية قد عرفوا الله عز وجل، وأنه الخالق الرازق المدبر، ولكنهم لم يفردوه وحده بالعباده، فشركهم كان في الألوهية وهو توحيد العبادة والقصد لله وحده، مع إقرارهم بربوبية الله عز وجل.


وَلَيـسَ يُعابُ المَرءُ مِن جُبنِ يَومِهِ
وَقَد عُرِفَت مِنهُ الشَجاعَةُ بِالأَمسِ


وَرِثنـا المَجدَ عَن آباءِ صِدقٍ
أَسَأنـا في دِيارِهِمُ الصَنيعا

إِذا الحَسَبُ الرَفيعُ تَواكَلَتهُ
بُناةُ السوءِ أَوشَكَ أَن يَضيعا


إِذِ الناسُ ناسٌ وَالزَمانُ بِعِزَّةٍ
وَإِذ أُمُّ عَمّارٍ صَديقٌ مُساعِفُ


إِذا الحَربُ حَلَّت ساحَةَ القَومِ أَخرَجَت
عُيوبَ رِجالٍ يُعـجِبونَـكَ في الأَمنِ

وَلِلحَــربِ أَقــوامٌ يُـحــامــونَ دونَهـا
وَكَم قَد تَرى مِن ذي رُواءٍ وَلا يُغني


وَلَستُ بِخـابِـئٍ أَبَداً طَعاماً
حِـذارَ غَـدٍ لِكُلِّ غَدٍ طَعـامُ


يا راكِباً إِمّا عَرَضتَ فَبَلِّغَـن
يَزيدَ بنَ عَبدِ اللَهِ ما أَنا قائِلُ

بِآيَةِ أَنّي لَم أَخُنكَ وَأَنَّهُ
سِوى الحَقَّ مَهما يَنطِقُ الناسُ باطِلُ

فَقَومُكَ لا تَجهَل عَلَيهِم وَلا تَكُن
لَهُم هَرِشاً تَـغـتابُهُـم وَتُقاتِلُ

وَما يَنهَضُ البازي بِغَيـرِ جَناحِهِ
وَلا يَحمِلُ الماشينَ إِلّا الحَوامِلُ

وَلا سابِـقٌ إِلّا بِـساقٍ سَليمَةٍ
وَلا باطِشٍ ما لَم تُعِـنهُ الأَنامِلُ

إِذا أَنتَ لَم تُعرِض عَنِ الجَهلِ وَالخَنا
أَصَـبتَ حَليماً أَو أَصابَـكَ جاهِلُ

* في تاج العروس: هَرِشَ الرَّجُلُ، كفَرِحَ: ساءَ خُلُقُه، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ. والتَّهْرِيشُ: التَّحْرِيشُ بَيْنَ الكِلابِ. ومِنَ المَجَازِ: التَّهْرِيشُ: الإِفْسَادُ بَيْنَ النّاسِ، نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.


لا تَـأمَنـوا آراءَهُ وَظُنـونَــهُ
إِنَّ العُيونَ لَهـا مِنَ الأَمدادِ

وَتَعَـوَّذوا بِاللَهِ مِن أَقلامِهِ
إِنَّ السُيوفَ لَها مِنَ الحُسّادِ


قَـد قُـلتُ لِلرَكـبِ لَولا أَنَّهـُم عَجِـلوا
عوجـوا عَلَيَّ فَحَـيّـوا الحَيَّ أَو سيروا

قَلَّت لِحاجَةِ نَـفـسٍ لَيـلَةٌ عَـرَضَــت
ثُمَّ اِقصِدوا بَعدَها في السَيرِ أَو جوروا


لَعَـمــرُكَ إِنّـا وَالأَحـاليـفُ هَؤُلا
لَفـي حِقـبَةٍ أَظفـارُها لَم تُقَلَّمِ

فَإِن كُنتَ لا تَدعو إِلى غَيرِ نافِعٍ
فَدَعـنـي وَأَكرِم مَن بَدا لَكَ وَاِذأَمِ

فَعِـنـدي قُروضُ الخَيـرِ وَالشَرِّ كُلِّهِ
فَبُـؤسى لَدى بُؤسـى وَنُعمى لِأَنعُمِ

* حِقـبَـةٍ أَظفـارُهـا لَم تُقَـلَّمِ: أي في حرب


تَرَكـتُ الخَبيثَ لَم أُشارِك وَلَم أَدِق
وَلَكِـن أَعَفَّ اللَهُ مالي وَمَطـعَـمـي

* لَم أَدِق: يعني لم أدِن.


صَـحــا قَـلبُهُ عَـن سُـكـرِهِ فَتَـأَمَّلـا
وَكـانَ بِـذِكــرى أُمِّ عَـمــروٍ مُوَكَّلـا

وَكـانَ لَهُ الحَيـنُ المُتـاحُ حَمـولَةً
وَكُـلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِمـا قَد تَحَـمَّلـا

أَلا أَعتِبُ اِبنَ العَمِّ إِن كانَ ظالِماً
وَأَغفِـرُ عَنـهُ الجَهلَ إِن كانَ أَجهَلا

وَإِن قالَ لي ماذا تَرى يَستَشيرُني
يَجِـدني اِبنَ عَمٍّ مِخلَطَ الأَمرِ مِزيَلا

أُقيـمُ بِدارِ الحَزمِ ما دامَ حَزمُها
وَأَحــرِ إِذا حــالَت بِـأَن أَتَـحَــوَّلا

وَأَسـتَــبـدِلُ الأَمرَ القَوِيَّ بِغَـيـرِهِ
إِذا عَـقـدُ مَأفـونِ الرِجالِ تَحَـلَّلا


فَـإِنّــي رَأَيـتُ النـاسَ إِلّا أَقَلَّهُـم
خِفـافُ العُهودِ يُكـثِـرونَ التَنَـقُّلا

بَنـي أُمِّ ذي المالِ الكَثيرِ يَرَونَهُ
وَإِن كانَ عَبـداً سَيِّدَ الأَمرِ جَحفَلا

وَهُــم لِمُــقِــلِّ المـالِ أَولادُ عَـلَّةٍ
وَإِن كانَ مَحضاً في العُمومَةِ مُخوَلا

وَلَيسَ أَخوكَ الدائِمُ العَهدِ بِالَّذي
يَـذُمُّكــَ إِن وَلّى وَيُرضيكَ مُقـبِـلا

وَلَكِن أَخوكَ النائي ما دُمتَ آمِناً
وَصاحِـبُكَ الأَدنى إِذا الأَمرُ أَعضَلا

انتهى

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s