روى ابن ماجه والنسائي وأحمد و البيهقي – و اللفظ له- من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَأْكُلُونَ فِيهِ الرِّبَا , فَيَأْكُلُ نَاسٌ أَوِ النَّاسُ كُلُّهُمْ , فَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُمْ نَالَهُ مِنْ غُبَارِهِ *
و هذا الخبر من دلائل النبوة و إخبارٌ دقيقٌ عن الغيب، بوحي من الله تعالى علّام الغيوب.
فإن الربا متفشٍ في معاملات الناس نافشٌ فيها ، و لكن أكثر الناس لا يعلمون ، حتى أنه يطال من تحرى تجنبه ، و لو بشيء من غُباره.
يظنُ كثيرٌ من الناس أن صورة الربا المعاصرة تنحصر في فوائد البنوك الربوية ، و هذا نظرٌ قاصرٌ جداً ، فإن الربا قد يدخل على كل عقد ، و صور العقود متناهية في الكثرة لأن الأصلُ فيها الحل ، و كذلك كل عقد شرعي يمكن التحايل عليه لأكل الربا! ، و كان السلف يطلقون الربا على كل معاملة مالية محرمة.
و سأشير بإيجاز لبعض ذلك:
عقد البيع:
قد يستحيل البيع إلى الربا باتخاذ السلعة وسيطاً لزيادة الدين مقابل الأجل، و هو ما يسمى بيع العينة.
عقد الصرف:
صرف العملات دون مراعاة شرط التقابض و التماثل ، يحيل المعاملة إلى الربا ، و كذلك المواعدة على الصرف في العملات ، هو من الربا و الغرر المحرم.
عقد القرض:
كل قرض جر نفعاً فهو ربا ، و النفع لا يلزم أن يكون نقوداً ، قد تكون هدية ممن لم تكن عادته مهاداتك لولا القرض ، و كذلك الجوائز و السحوبات التي تجريها بعض المصارف لعملائها أصحاب الحسابات الجاريه ، فهذا من الربا. و كذلك الزيادة في أصل القرض بسبب زيادة الأجل هو من ربا الجاهلية ، و كذلك خصم الكمبيالات و السندات بجميع أنواعها هي من الربا.
عقد الوكالة بالاستثمار :
تضمين الوكيل رأس المال في غير حالات التعدي و التقصير و مخالفة الشروط ، هو من صور الربا.
عقد المضاربة في الاستثمار :
تضمين المضارب رأس المال في غير حالات التعدي و التقصير و مخالفة الشروط ، هو من صور الربا.
عقد الشركة:
تضمين أحد الشركاء حصة شريكه بما يقطع الشراكة في الربح و الخسارة ، صورة من صور الربا.
عقد المرابحة ، و المرابحة للأمر بالشراء:
إن لم يتم بالضوابط الشريعة الخاصة بمرحلة الوعد و مرحلة البيع و كذلك فصل الضمان ، فإنه يتحول لبيع العينة المحرم.
و كذلك عقد السلم ، و عقد الاستصناع، و الجعالة ، و الإجارة ، و كثير من الشروط و الخيارات ، يمكنها أن تتحول إلى الربا بالحيلة أو بالجهل بالتطبيق.
رُوي عن عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه أنه قال :
مَنِ اتَّجَرَ قبلَ أَنْ يَتَفَقَّهَ ارْتَطَمَ فِيْ الرِّبَا ، ثُمَّ ارْتَطَمَ ، ثُمَّ ارْتَطَمَ . أي : وقع في الربا.
فانفض يا أخي عنك غُبار الربا ، و تعلم دينك و سنة نبيك ، أو اسأل من تعتقد أنه يفتيك بمراد الله تعالى ، لا بمرادك أنت! و أتق الله من قبل أن تقوم من قبرك كالذي يتخبطه الشيطان من المس!
أعاذني الله و إياكم من أكل الربا ، و صلى الله على محمد و آله و صحبه و سلم.
هاني حلمي
* حديث غبار الربا هذا ضعيف، لتفرد سعيد بن أبي خيره، و هو لا يحتمل التفرد، و كذلك الانقطاع بين الحسن و أبي هريرة، كما بينه الأخ الفاضل Abo Elhasane، و الله أعلم.
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1217626121617667&id=100001108728668
و إن كان معنى الحديث صحيحاً تشهد له الأدلة العامة في فساد الزمان، و منه فساد بيوع الناس، إلا أن في الأحاديث الصحيحة غنية عن الضعيف.