Lemonade…!

Lemonade  هي شركة جديدة  بدأت نشاطها العام الماضي في نيويورك ، و هي شركة تأمين بنموذج عمل جديد! كما يدعي مؤسسا الشركة، الإسرائيليان، كما يبدو من بياناتهما على Linkedin ، فكلاهما تخرج من جامعات إسرائيل.

و الإسم، ليموناضة يرمي لمعنيان: سحق squeezing التأمين التقليدي، كما تفعل بالليمونة، و المعنى الأخر هو معنى التبرع أو العمل الخيري، و يشتهر عند الغرب ببيع الأطفال لعصير الليمون جمعاً للتبرعات.

نموذج عمل الشركة بنظام P2P ، و تطبيقه في التأمين طبقاً لنظام شركة Lemonade ، كما هو الفيديو على موقعها، أن الشركة تأخذ 20% مصاريف إدارية ثابته ( شفافة و معلنة مسبقاً) ، و تعدُ الشركة بدفع التعويضات بسرعة ، و لا تستخدم الشركة أي وسطاء، و كل شيء يتم عن طريق الإنترنت أو تطبيقات الهاتف.

ثم بعد خصم ال 20% و دفع التعويضات، تُخرج الشركة كل الفوائض الناتجة بعد ذلك لأعمال الخير ، على حسب إختيار صاحب الوثيقة (مشتري التأمين)، و الذي يحدد أوجه التبرعات هذه مسبقاً عند شراء الوثيقة.

و ترتكز دعاية الشركة أنها ترفض نموذج عمل شركات التأمين التقليدية لأنه غير عادل، و أنه شر لابد منه، و أن مكسب الشركات التقليدية يحصل من التأخر عن دفع التعويضات أو رفضها! و إن نظام التأمين التقليدي فيه تضارب مصالح بين المؤمن له و شركة التأمين، و أن المصاريف التي تحصل عليها شركات التأمين التقليدية من إجمالي قسط التأمين تبلغ 35% ، مقارنة ب 20% في نموذج عمل Lemonade.

و الشركة كما تقول دعايتهم قد حققت بالفعل نجاحاً كبيراً بحجم المليار دولار! لعلهم يقصدون إجمالي الأقساط.

و تعليقي على نموذج عمل الشركة، أنه ليس بجديد، بل هو متقرر في أصول التأمين الإسلامي المعروف بالتكافلي أو التعاوني.

و وجه الشبه بين النموذجين، هو نظام الأجرة على إدارة محفظة التأمين، و نظام توزيع الفوائض.

و التأمين التكافلي هو البديل الشرعي للتأمين التقليدي المحرم.

و سبب التحريم الأساسي هو الغرر الفاحش في عقد التأمين التقليدي، و الذي هو من عقود المعاوضات التي يفسدها الغرر.

لذلك فنموذج عمل التأمين التكافلي يقوم على إدارة الإشتركات المتحصلة من أصحاب وثائق التأمين في صندوق خاص بهم، يملكه حملة الوثائق، في مقابل مصاريف وكالة تحدد مسبقاً ، و التي هي تشبه ال 20% في نموذج عمل Lemonade.

و تكييف القسط في التأمين التكافلي على أنه تبرع بالإشتراك للصندوق، جعل العقد بين الصندوق و صاحب الوثيقة عقد تبرع، و عقود التبرعات لا يفسدها الغرر، لانها لا تهدف للربح، بل منشأ العقد لسد حاجة التعويضات للخسائر إذا حصلت لأحد المتبرعين، هذا هو الأصل.

لذلك ساغ شرعاّ عقد التأمين التكافلي على مبدأ عقود التبرعات.

و بما أن الإشتراك (التبرع) في التأمين التكافلي مملوكاً لصندوق المشتركين، فإنهم يملكون فائض الصندوق، الذي يمكن توزيعه عليهم، أو صرفه في أوجه الخير ، و هذا الأخير هو الشبه الثاني مع نموذج عمل Lemonade.

و نطام التأمين الإسلامي التكافلي بهذه الألية معروف لدى المسلمين في العالم العربي و ماليزيا منذ أوائل الثمانينيات، و له تفاصيل أخرى لا يسع المقام لذكرها، و لذلك أتعجب من دعوى ال Co-founders لهذه الشركة، و كأنهم اخترعوا شيئاً جديداً!

و يجب التنبيه إلى أن نظام التأمين الإسلامي يتعدى إلى إدارة الاستثمارات بنفس طريقة إدارة الاشتراكات، بمبدأ المشاركة، مع ما للتأمين الإسلامي من وجود هيئة رقابة شرعية تراجع و تدقق عمليات الشركة.

و إنني أري أن صناعة التأمين الإسلامي قد انحرفت عما كان مرجواً منها، و هي خير و لكن فيه دخن، و أهم أسباب ذلك التشريعات القاصرة عن ملاحظة الفرق بين التأمين الإسلامي و التقليدي، و السبب الأخر هو القائمون عليها ممن لا يرون فرقاً بينها و بين التأمين التقليدي! و يظنون أن عنصر الإسلام في التأمين الإسلامي مجرد دعاية تسوقية لجذب شريحة أكبر من المتعاملين!

و الشيء بالشي يُذكر، فقد كنتُ أتابع أحد اللقاءت المتلفزة لأحد رؤساء شركات التأمين الإسلامي في مصر، و قال في وسط حديثه ما معناه: أن القضية بيننا و بين التأمين التقليدي ليست قضية حلال و حرام…!

إذا كان رئيس الشركة يقول ذلك، و يلغي أكبر فارق قد قام عليه الإقتصاد الإسلامي كله، بل قامت عليه الدنيا كلها، فأي خير يرجى لتلك الصناعة!

هاني حلمي

أضف تعليق