نظرة في القتال الدائر بين روسيا والغرب على أرض أوكرانيا…!

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛

كتبت هذه الكلمات قبل أن يتجاوز عُمرهذا القتال أسبوعه الثالث؛ ونشرتها على صفحتي في فيس بوك…

في هذا القتال تذكير أننا في عالم تحكمه القوة؛ وأن الدبلوماسية وإن طالت فإنه لا صوت يعلو فوق صوت القوة؛ وأن القوة هي نعم ما يُدخر؛ وأننا في عالم ليس للكلمة والمعاهدات فيه وزن.

ويتجلى أكثر دور أمريكا خاصة في إشعال الحروب في أرجاء العالم وخلق الأزمات لخدمة مصالحها؛ ويظهر كيف أنهم يسعون في الأرض فساداً؛ وكيف يغرون أوروبا بروسيا؛ ثم ستخذلهم أمريكا في النهاية وستقول لا يمكنا فعل شيء؛ لأن روسيا قوة نووية! فلابد من المسالمة وإلا سيخسر الكل! وهذه قواعد لعبتهم.

ويظهر كذلك كيف تلعب الشركات الأمريكية الكبرى دوراً كبيراً في تنفيذ سياسات واشنطن؛ ؛ وما هم إلا جندي في جيش أمريكا تسلطه على من تشاء؛ وما خفي كان أعظم.

وكذلك يظهر أن الدولار الأمريكي ليس مجرد عملة تداول بل هو سلاح اقتصادي يوظف على أعداء أمريكا؛ ولا يمكن لأطراف التعامل بالدولار عن طريق النظام المصرفي العالمي الإفلات من المرور على فلاتر العقوبات.

وهذا الصراع قد انعقدت فيه نوايا أطرافه على الافتراس؛ كما قال الشيخ محمود شاكر رحمه الله:

“…الآكل والمأكول فيه سواء؛ لأن النية انعقدت في كليهما على الافتراس، وما الفرق بينهما إلا فرق القوة التي أعدت هذا للظفر، وأسلمت ذلك إلى العجز، فدفعت به إلى رحى تدور بأسباب من الطغيان والفجور.”

كذلك يظهر جلياً العنصرية الغربية والأوروبية خاصة تجاه بقية الأجناس والأعراق؛ كما ظهر من فلتات لسانهم وسلوكهم؛ وتقديمهم الأوكراني على غيره في الفرار من الحرب؛ وما تخفي صدورهم أكبر.

وقد أفاق الأوروبيون على حقيقة أن اللاجئين قد يكونوا من غير الشعوب المسلمة التي أنهكها مكرهم بها؛ أو من شعوب أفريقيا التي نهبوا ثرواتها؛ أفاقوا على لاجئين من جلدتهم! وظهر عندها الكيل بمكياليين وزيف دعاوى حقوق الإنسان وتمميز اللاجئين والمنكوبين على أساس العرق.

ولعل من الإطلاقات الصادقة ما وصف به بوتين الغرب بامبراطورية الأكاذيب؛ وقد صدق وهو كذوب.

بالنسبة لأوكرانيا؛ هي مثال واضح في نظري على فشل الديموقراطية كوسيلة لانتخاب الحاكم؛ فالديموقراطية جلبت مهرجاً لسدة الحكم؛ ولو كان عاقلاً لجنب أرضه وشعبه حرباً بالوكاله؛ وهي وكالة بلا أجر؛ بل يدفع هو وقومه ثمنها من أرضهم ودمائهم وأعراضهم؛ ومع ذلك تحاول أوروبا وأمريكا أن تصور الرئيس الأوكراني على أنه بطلاً! ذلك لأنه يتلقى الضرب نيابة عنهم.

فالناتو وأمريكا يحاربون روسيا حتى أخر جندي أوكراني!

كذلك من أثار الحرب أنها تضع بعض الأمور مواضعها وتنفي بعض الباطل؛ مثل دعوات النسوية ومساواة الرجل بالمرأة؛ فأول ما دقت الحرب طبولها؛ مُنع الذكور من الرحيل وهربت الإناث بصغارها؛ ولزم كل منهما موضعه الذي خلقه الله له؛ وظهر باطل النسوية لو أنهم كانوا يعقلون!

أما مجتمع الشواذ والمتحولين جنسياً؛ فقيل لهم أنتم من الذكور في جوازات سفركم وُمنعوا من ترك أوكرانيا ليحاربوا الروس! هكذا أخبرني أحد الثقات.

كذلك يظهر جلياً أن الإعلام الغربي غير موضوعي ولا حيادي؛ وأن الإعلام العربي مترجم مُقلد فاقد للروح الإسلامية والدماء العربية.

أسأل الله أن يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض؛ وليصرف كيدهم إلى نحورهم؛ جزاء بما كانوا يكسبون

كما قال تعالى {وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام : 129] أي نسلط بعضهم على بعض ، فنأخذ من الظالم بالظالم؛ كما وجَه ذلك بعض أهل التفسير.

فلكم زجت روسيا وأوروبا وأمريكا بالمسلمين في فتن حالكة وأفرطوا في البغي والعدوان؛ وأفسدوا ولم يصلحوا؛ مع دعواهم العريضة أنهم من المُصلحين؛ وما هم إلا من المصلحيين النفعيين العنصريين.

وأرجوا أن تبعث آثار هذا الصراع في ولاة أمور شعوبنا المسلمة روح الاستقلال بمواردهم وقوتهم العسكرية والاقتصادية؛ فإن الظاهر أن العالم يتحول ولا مأمن من عادية الأيام.

وإن طال أمد هذا الصراع فإن العالم سيدخل في حالة استقطاب وتحزيب شديد؛ سياساً أو حتى عسكرياً؛لن يُفلح فيه ذو الوجهين؛ فأرجوا أن يختار ولاة أمور المسلمين ما يُصلح البلاد والعباد ويجنبهم الفتن والمحن.

ومما يستفاد من قوله تعالى {وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ} جزء من أية [البقرة ٢٥١] ؛ ما ذكره الشيخ بن عثيمين رحمه الله في تفسيره:

“… دفع الكفار بعضهم ببعض حتى لا يسيطر أحد الطرفين على الأرض، ما ظنكم مثلًا الآن، ولدى الناس ما يسمى بالدولتين العُظميين لو كانت السيطرة لإحداهما لطغت وسيطرت على الأرض، ولكن الله عز وجل جعل هذه القوة لها مقابل يدافعها ويمنعها ويخيفها وإلا لفسدت الأرض، وبماذا تفسد؟… بطمس معالم الدين وحلول معالم الكفر والمعاصي، هذا هو الفساد الحقيقي، ولكنه يراد بالآية ما هو أعم من ذلك من إفساد الديار، هدم البناء، إغراق الزروع، إحراقها على أيدي المتسلطين، كل هذا داخل…”

والله المستعان؛

هاني

أضف تعليق