ناو-بايNowPay …!

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛

سأل سائل كريم خلوق عن ورقة وجدها معلقة بشركته؛ بالإعلان عن معاملة مع شركة في مصر اسمها ناو-باي NowPay كما بالصورة المرفقة.

والظاهر من المنشور وجدول “المصروفات” المرفق أن هذه المعاملة معاملة ربوية.

فإن ما تدفعه شركة ناو-باي للموظف هو قرض والمصروفات بالجدول هي فوائد على القرض؛ وليست مصروفات كما يزعمون!

فإن اختلاف الرسوم باختلاف مقدار قيمة القرض أو مدة أجله (أجل مهلة السداد) هو علامة واضحة على كونها فوائد ربوية.

أما المصروفات؛ أو ما يُعرف بتكلفة القرض التي يجوز للمُقرض أخذها من المُقترض = هي المصروفات الفعلية التي يتكبدها المُقرض من أجل تسليم مبلغ القرض؛ مثل مصروفات التحويل البنكي؛ وهذه المصروفات لا تزيد طردياً مع زيادة مبلغ القرض كما بالجدول بالمنشور؛ بل تكون بالتكلفة الفعلية.

وهذه الشركة لا تعطي قروضاً حسنة لوجه الله؛ بل هي قروض تجر نفعاً؛ وهي مبادلة مال حاضر بمال غائب مع الزيادة؛ وهو عين ربا القروض أو ربا الديون المحرم بالقرأن.

فهذه المعاملة لا خير فيها.

وإن كانت شركة ناو-باي لن تفرض فوائداً ربوية في السنة الأولى؛ إلا أن التعامل معهم فيه تكثير لقاعدة عملائهم وتقوية لمركزهم المالي؛ مما سيساعدهم على توسيع نشاطهم؛ فلا أرى التعامل معهم حتى بالسنة الأولى.

وفي الغالب هذه الشركات الناشئة يكون عندهم رأس مال صغير؛ فلما يتعامل معها كثير من الموظفين وكثير من الشركات؛ حتى لو كانت القروض بلا فوائد في السنة الاولى؛ فسيؤدي ذلك لزيادة قاعدة العملاء.

فالذي سيحدث بعد ذلك؛ أنهم سيقومون بتعزيز رأس مال الشركة عن طريق القروض من البنوك وجولات التمويل؛ وسيقومون بتقديم أسماء وأعداد الشركات والموظفين للبنوك والممولين كدليل على أن عندهم قاعدة عملاء كبيرة… فيتوصلون بذلك للحصول على تمويل كبير لتوسيع نشاطهم.

لذلك فالذي يشارك معهم في السنة الأولى هو متعاون على الإثم والعدوان بشكل غير مباشر… وينبغي تنبيهه؛ فإن اعتبار المآل له حظ كبير في الحكم على المعاملات.

وعلى كل حال؛ أنا لا اقول بتحريم التعامل معهم في السنة الأولى؛ فهو قرض بلا فائدة؛ ولكن أرى تبعات تكثير قاعدة عملائهم فأقول برأيي بترك التعامل معهم لعلهم يخرجون من السوق أو يغيرون طريقة عملهم إلى طريقة شرعية.

ويوجد نماذج عمل أخرى أقرب للتقوى وأجود من الناحية الشرعية؛ مثل أن تتوسط شركة لتنظيم شراء الموظفين للسلع بالتقسيط من محلات مختارة؛ ويتم استقطاع القسط من راتب الموظف؛ ويمكن للشركة الوسيطة أن تتقاضى عمولة من التاجر لدلالاتها الموظف على التاجر؛ وكذلك تأخذ اشتراك سنوي مقطوع كأجرة على إدارة عملية الاستقطاع من الراتب ودفعه للمحلات…وهو قريب من نموذج عمل شركة Premium Card في مصر؛ بشرط عدم وجود غرامات تأخير وإن لا يرتبط قدر الاشتراك السنوي بحجم المشتريات؛ فلا معنى لذلك؛ وأن لا يكون هناك أجر على ضمان الشركة الوسيطة لسداد الأقساط للمحلات؛… وسوف أُفرد لهذه الشركة منشوراً خاصاً لبيان ما أرى فيها إن شاء الله.

ومما يُحزن أنه بمطالعة موقع شركة ناو- باي وجدت عبارة ” Shariah Compliant” يعني أن الشركة أو نموذج عملها أو الخدمة المالية التي تقدمها الشركة يتوافقون مع أحكام الشريعة الإسلامية!

وهذه الدعوى لابد لها من شاهد وبينة؛ أقله أن تضع الشركة فتوى الهيئة الشرعية التي أجازت نموذج العمل أو الخدمة المالية؛ ويكون في الفتوى تفاصيل الخدمة ودليل جوازها… ولا شيء من هذا منشور على موقع الشركة!

وقد تواصلت معهم بالسؤال عن ذلك كما بالصورة التالية؛ فلم يجيبوني بشيء! وهذا يزيد الريبة في دعواهم التوافق مع أحكام الشريعة.

ولعلهم ذهبوا لأمثال علي جمعة أو شوقي علام أو مجدي عاشور أو خالد الجندي أو سعد الدين الهلالي… فختموا على المعاملة بقولهم “حلالٌ لانها معاملة مستحدثة والأصل في المعاملات الإباحة”! فالله طليبهم وهو حسبنا ونعم الوكيل.

كذلك مما لفت انتباهي صياغة عرض إدارة الشركة لهذه الخدمة على الموظفين؛ فهي تسوق لهم معاملة ربوية كأنها رحمة مهداة وخدمة مسداة!

لذلك لما سألني أحد الخريجين الجُدد من كلية التجارة عن ما يدرسه بعد التخرج؛ قلتُ له ادرس فقه البيوع والمعاملات لكي لا تقع في الربا أو تعاون فيه أو تدل عليه؛ وقد رُوي عن عن عليٍ بن ابي طالب رضيَ اللهُ عنهُ بسند ضعيف انه قال : “الفقهُ قبلَ التِّجارةِ ، إنَّه مَن اتَّجرَ قبلَ أنْ يتفقَّهَ ارتطمَ في الرِّبا ثُمَّ ارتطَمْ”.

كذلك مما يجب التنبيه له تسمية الشيء بغير اسمه؛ فسمّت الشركة في منشورها الفوائد الربوية مصروفات! ؛ وتغيير الأسماء لا يغير من حقيقة المُسمى شيئاً؛ ولكنها تروج على من لا بصيرة له.

ومنها تسمية الزنا زواجاً عرفياً؛ وتسمية سفالة الأخلاق فناً وإبداعاً؛ وتسمية فسقة الممثلين نجوماً؛ وتسمية المنافقين والملاحدة بالتنويريين والمفكرين؛ وتسمية البدع إصلاحاً للخطاب الديني؛ وهلم جر…

والله المستعان؛

هاني حلمي

أضف تعليق